بباق لأنه كلام ولأنه لو كان باقيا لوصف بالبقاء ووصف البقاء يبقى إلى ما لا نهاية له ، وإذا كان مع الإنسان اختياري ومع الملك اختياري فلا فرق.
قال الراوي عنه : وألزم فيه إلزامات كثيرة.
الجواب عن ذلك : أن هذه المسألة وأمثالها أوجبت عليهم ضرب الأعناق وإقامة الحرب على ساق ، لأنهم خالفوا ما علم من دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة ، ومن خالف ما علم من دينه صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة فقد كفر بإجماع المسلمين.
والمعلوم من دينه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه كان يغشى مجامع العرب ومحافلهم ، ويقرأ عليهم القرآن ، ويعلمهم أنه كلام الله ووحيه وتنزيله دون أن يكون كلام له ولا لغيره من المتكلمين ، ويتحدى العرب على الإتيان بمثله ، فلو كان مقدورا لهم لعارضوا ، أو لو فهموا مذهب إخوانهم المطرفية لعن الله الجميع لقالوا : قد عارضناه وأعادوا تلاوة السورة ، وقالوا : هذا غير ذلك ، ولقالوا : ليس هذا الذي يخاطبنا به كلام الله ، وإنما كلام الله في قلب الملك لا يفارقه ، فأما هذا الذي تتلوه علينا فهو كلامك فما وجه دعواك لتميز علينا به [فيما] يشاكل هذا.
فأما قوله : هو كلام ، فهو لا شك كلام ، فأما قوله إذا فرغ القارئ فقد بطل ، فإنما تبطل التلاوة التي يحمد عليها العبد ، ويذم إذا تلى على غير الشرط الذي أمر به ، فأما المتلو الذي هو المقطع تقطيعا مخصوصا فلا يجوز عدمه إلى انقطاع التكليف لقول النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١) فأخبر سبحانه ببقاء الكتاب العزيز وملازمة العترة الطاهرة له ، لا كما قال المطرفي الكافر.
وأما قوله : لو بقي لكان يبقى وكان للبقاء بقاء فلعذر فيما نظن عجيب
__________________
(١) سبق تخريج الحديث في الرسالة النافعة.