في نفسه في هذه المغالطة وهذه من إحدى دقائقه الظاهرة ، لأن البقاء هو استمرار الوجود والموجود لا يخرج عن الصفة إلا بالضد وما يجري مجراه ولا ضد هاهنا ولا ما يجري مجراه ، فتفهم هذا أيها المدقق إن كنت ممن يفهمه.
وأما إلزامه بالمصحف إذا نسخ فلقد أوغل في النظر ، وجاء بإحدى الكبر ، أوليس التكليف به عام ، وقدرة الله سبحانه وحكمته توجب إبلاغ الحجة ، وإبلاغ الحجة توجب كونه في أكثر من جهة إذ لو اختص بجهة لما كانت حجته إلا حيث اختصاصه ، وذلك لا يقول به مسلم ؛ ولأن بدعيا لو ادعى في الإسلام قبل نجوم المطرفية وأس كفرهم بالتدريج الذي فعلوه كما فعلت الباطنية في مذهبها ، وقال هذا القرآن كلامي لقتله أول من لقيه من المسلمين ، لأن المعلوم لهم ضرورة أنه كلام الله والعلم بأن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يدين بأن القرآن كلام الله ضروري لنا.
وقول المطرفي أنه لنا اختياري فهو بناء على أصله الفاسد : أن علوم العباد اختيارية ، وعندنا أنها تنقسم إلى ضروري واختياري وليس هذا موضع تفصيله والآثار في أن هذا القرآن الذي بين أظهرنا هو القرآن ظاهرة متواترة من أنه المعلوم من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة فجرى مجرى الأصول ، كعلمنا أن البيت الذي يجب الحج إليه والطواف به هو الكعبة حرسها الله تعالى ، فلو أن إنسان قال هو غيره لكفرته الأمة ، ومن ذلك إجماع الأمة على أن هذا الموجود بين أظهرنا حجة لنا وعلينا هو كلام الله ووحيه وتنزيله ، والإجماع آكد الدلالة ، ومن ذلك أنا نفخر على سائر أهل الملل وأمم الأنبياء ببقاء معجزة نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم بخلاف معجزات الأنبياء عليهمالسلام فإنها عدمت عقب وجودها وبعدم الأنبياء عليهمالسلام ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فإذا التبست عليكم