المعاصي لا نهاية له ، ولا يكون أكثر منه شيء ، وكلما انتهت إليه الإشارة فله نهاية ، فتفهم ذلك موفقا ، وما جاء من الحديث الأول في معنى ثواب من دعا بدعاء الصحيفة ، وما يوجد في كتاب (الذكر) (١) من قراءة القرآن أو التسبيح أو الدعاء حمل على معنى ذلك الذي ذكرناه في تفسيره ، وأن المراد به الجنس لا القدر لأن ذلك لا يستقيم على الأدلة.
مسألة [في الصحابة الذين تقدموا على علي عليهالسلام]
في الصحابة الذين تقدموا على علي عليهالسلام ومن تبعهم وتابعهم ، كيف تجوز الترضية عنهم ، وقد عدلوا عمن صحت إمامته عندهم ، لأن الأدلة على إمامته عليهالسلام كانت معلومة لهم ضرورة ، فإن قال القائل : وإنهم وإن علموا الأدلة فإنهم لم يعلموا كونها أدلة.
قلنا : عن هذا جوابان : أحدهما : أن تركهم للنظر فيها يكون معصية.
والثاني : أنهم كانوا أعلم بمقاصد الكلام ومعانيه من أهل هذا الزمان ، فكيف يصح أن يقال : بأنهم لم يعرفوا كونها أدلة فمعنى هذه الأمور ، كيف تجوز الترضية عليهم ، بل لو قالوا بلعنهم وسبهم والبراءة منهم لكان أسعد
__________________
(١) للإمام محمد بن منصور المرادي [١٥٠ ـ ٢٩٠ ه] طبع في ٤٩٢ صفحة ، بتحقيق محمد يحيى سالم عزان سنة ١٤١٧ ه : وهو كتاب في الذكر ودوره في إعداد النفس وتربيتها ، في الكتاب حشد كثير من الآيات والأحاديث وكلام الأنبياء والصالحين ليؤكد على أهمية ملازمة الذكر ، كونه من أعظم وسائل القرب من الله.
ويعتبر الكتاب من أقدم ما جمع في بابه ، إن لم يكن الأقدم على الإطلاق ، قال محققه : بحثت فيما لديّ من المراجع والفهارس فلم أجد تحت هذا العنوان ، إلا كتابين تقدماه ، أحدهما لعبد الله بن محمد أبي الدنيا (٢٠٨ ـ ٢٨١ ه) ، والثاني لعبد العزيز بن أحمد الجلودي المتوفى سنة ٢٦٧ ه ، يحتوي الكتاب على ٥٣٦ نصا ما بين حديث وأثر وحكاية ، رواه مؤلفه من طريق أكثر من ٧٥ شيخا ، وهو عبارة عن جامع للأذكار وفضائلها ، وما يتعلق بها مثل آداب الدعاء ، والإخلاص ، والتقوى ، واليقين ، ونحو ذلك.