وإن كانت مثل زبد البحر ، ورمل عالج إن كان من غير توبة فكيف يصح ذلك؟ والكبيرة لا يساوى عقابها شيء من الطاعات في ذلك ، وإن كان مع التوبة فالمسقط للعقاب التوبة دون الصلاة المذكورة ، ولا يصح حمل ذلك على أنه أراد به أن ثواب هذه الصلاة المذكورة تكفر الصغائر ، وإن كان عقابها بهذه الصفة لأن الصغائر لا يبلغ عقابها عدد الرمل وزبد البحر ، وكذلك ما شاكل ما ذكرنا من الأخبار المروية في قراءة القرآن ، والعبادات التي لا يتسع إيرادها؟
الجواب عن ذلك : أن الكلام في الحديث الأول أنه يكون للداعي في دعاء الصحيفة ثواب أربعة أملاك ، وأربعة أنبياء المراد بذلك جنس ثوابهم ، والجنس يعبر عنه بالجملة يقال : هذا رأي فلان ، وإن كان رأي آخر إذا جانسه ؛ وتجانس الثواب لا يوجب المماثلة ، ويكون هذا لمن دعا بذلك الدعاء لعلم الله سبحانه أنه يستحقه ، وإلا فالمتقرر عندنا أن الأنبياءعليهمالسلام أفضل من سائر البشر ، وأن الملائكة عليهمالسلام أفضل من الأنبياء لما خصّهم الله به من العصمة من الصغائر ، فكان لهم مزية على الأنبياء عليهمالسلام.
وأما ما سأل من معنى قوله في ثواب صلاة التسبيح أنه يكفر الذنوب ولو كانت مثل زبد البحر ورمل عالج ؛ وهذا خبر صحيح ومعنى مستقيم ؛ لأن زبد البحر ورمل عالج معلوم الأجزاء عند الله عزوجل ، محصور الوزن والعدد في علمه سبحانه ، وإن بعد ذلك عندنا لقصور علمنا وقدرتنا ، وثواب هذه الصلاة لا ينحصر عدده ، ولا ينقضي أمده ، وعندنا أن الطاعة لا تسقط حتى يسقط قدرها ، ومعنى الإحباط عندنا أن الكبيرة تستوعب أجزاء الطاعات ، ويبقى منها فضلة عقاب ، وكذلك التوبة لأنّا ما نعلم في الطاعات كبيرة سواها ، وكبائر المعاصي كثيرة لا تنحصر ؛ فلا بد ثواب صلاة التسبيح تسقط مثل زبد البحر ورمل عالج من المعاصي وهي أكثر من هذا ؛ لأن عقاب