الجواب عن ذلك : أن المسموع من الأعراض إنما هو الصوت على انفراده وقد يكون مرتبا ترتيبا مخصوصا فيكون كلاما ويكون على غير ذلك فتختلف أسماؤه ، ونحن نجري على المسامحة ونقول :
أما قوله : هل انتقل؟ فالانتقال على الأعراض محال فعندنا أن التنقل محله ومحله الهواء والانتقال عليه غير محال ، وكذلك المتجزئ إلى أذان السامعين محله ، فلهذا يكون بعد المحل على حسب قوة الاعتماد الذي يعظم معه الصوت إذا كانت الآلة مستقيمة.
وقوله : إذا تكلم الإنسان في مكان له جو غير متفهق من أن تسمع كلامه ، قلنا : فلا بتاتا ، ألحقوه للإنسان بمجرى العادة مع عدم الجو ولكن قد يكون واسعا ويكون ضيقا ، فإن كان واسعا امتد الصوت بامتداد محله وبعد مداه ، وإن كان ضيقا وعرضت حواجز قصرت مداه.
ولهذا فإن المتكلم في الجرة إذا لقمها فمه عند الدعاء لا يسمع صوته إلى البعد ، وإذا ردته الحواجز رجع الصوت برجوع محله الذي هو الهواء إلى خلف ، ولهذا فإن الإنسان إذا أراد الدعاء إلى جهة استقبلها بوجهه ، ولهذا أمر المؤذن بتحويل وجهه يمنة ويسرة لإسماع أهل الجهات وإشعارهم الصلاة.
المسألة الرابعة في رجع الصدى
أنه لو كان فعل المتكلم لكان يلزمه حكمه ، فإذا قال قائل قرب جبل لا إله إلا الله وقال عزير ابن الله حكمه يكون كافرا مسلما في فينة واحدة ، دليل آخر قال : والإنسان لا يقدر على إخراج حرف من غير موضعه فكيف يستطيع أن يتكلم في الهواء بغير آلة؟