الجواب عن ذلك : إن المدقق عرف في الكفر في هذه المسألة ولم يغني عنه تدقيق إلا أني أظن أنه يدقق الدقيق ، ولا يعرف التحقيق ؛ لأنه قال لو كان رجع الصدى فعل المتكلم للزمه حكمه ، ولا بد بالاضطرار عند العقلاء له من فاعل ، فإن نفاه عن العبد ألحقه بالله سبحانه ، لأنه لا فاعل هاهنا إلا العبد أو الله سبحانه ، ولا بد أن يلزمه حكمه وحكم فعله في الكلام الصدق إذ الكذب لا يجوز عليه تعالى عند الجميع ، فإذا كان رجع الصدى لعزير ابن الله وهو قول الله وقوله صدق كفر المحقق في هذه المسألة لأن الله تعالى عن الولد.
فأما قوله : يكون مسلما كافرا في فينة واحدة فجهل ظاهر لأنه ليس بمجرد اعتقاد الوحدانية يخلص المكلف من الكفر ، ألا ترى أن اليهود توحد ولا قائل منهم اليوم عزير ابن الله فيما نعلمه وهم كفار بإجماع المسلمين ، ولا بمجرد الاعتراف أيضا بالإسلام يخرجون من الكفر ؛ لأن في الحديث أن رجلين من اليهود قال أحدهما للآخر : اذهب بنا إلى هذا الذي يزعم أنه نبي نسأله فوصلا فسألاه ، فأجابهما عن كل شيء ، فلما تم سؤالهما وثبا فقبلا يده وقالا : نشهد أنك نبي ، قال : فما منعكما؟ قالا : نخاف اليهود. وقد دعا داودعليهالسلام أن يخرج من ذريته ملك فنخاف إن يقتلنا فلم يعصمهما الاعتراف باللسان من الكفر ، وإنما الحديث إذا قال عزير ابن الله عقيب الشهادة لزمه الكفر لأن الحكم لآخر العملين ، ولو رجع الصدى شهادة أن لا إله إلا الله بعد قوله عزير ابن الله فقد رجعت وفي قلبه اعتقاد البنوة فلا حكم للفظ مع بطلان المعنى لو بدر بسهو على لسانه أو تاب بعد إخراجه.
وأما دليله الآخر بأن الإنسان لا يخرج حرفا من غير موضعه فكيف يستطيع الكلام في الهواء بغير آلة ، وهذا جهل منه لأن الآلة والكلام هي الهواء كما قدمنا لأنه من أعظم آلات المتكلم ، فكيف قوله يتكلم في الهواء والكلام لا