المسألة السادسة [في الأجسام والأعراض]
قال أرشده الله : فيما تختلف فيه الزيدية في خلق الأجسام والأعراض الضروريات وما تفرع منها وما يحدث من الأمراض والأسقام وغير ذلك ، أيكون بالقصد أم بالفطرة؟ وما الفرق بين القصد والفطرة؟
الجواب عن ذلك : أنه أرشده الله بيّن الخلاف في هذه المسألة بين الزيدية ولا أصل لذلك ؛ لأن الزيدية لا تختلف في أنه لا خالق للأجسام والأعراض الضرورية إلا الله سبحانه لأنها محدثة ولا بد لها من محدث ومحدثها لا يجوز أن يكون قادرا بقدرة وأنه لا يخلق إلا ما يريد خلافا للمجبرة وأنه إذا خلق فقد قصد وأراد واعتمد ؛ إذ لا يجوز عليه السهو والغفلة خلافا لبعض الملاحدة وإنما الخلاف في هذه المسألة بين مثبت الصانع والطبائعية وبين الموحدة والثنوية [٤٨٥] ولا خلاف بين الزيدية أن الأسقام ضرورية وأن الأجسام الحادثة على وجهين منها ما يحب حدوثها وتلائم طباعها ومنها ما ينفر عنه ولا تشتهيه والكل فعل الله تعالى خلافا للثنوية من الديصانية والمانوية ومن نحى نحوهم من المرخبوتية فإنهم أثبتوا أكثر من واحدة وقالوا : الشر من فاعل والخير فاعل ، وجعلوا المحبوب خيرا كله والمكروه شرا كله ، ورب مكروه حسن ومحبوب قبيح ولكن أكثر الناس لا يعقلون.
ومنهم من جعل الأفعال من صانعين وهم المجوس ، أحدهما (يزدان) والثاني (أهرمن) فيزدان عندهم الله عزوجل ومنه المشتهيات والحيوانات ، وأهرمن عندهم الشيطان ومنه المكروهات كالمرض وغيره من المنفرات من الحيوانات والجمادات.