فصلوا من صفين إلى حرور أو إلى النهروان إلا من عساكرهم ؛ لأن عليا عليهالسلام لما رأى العساكر مزقت سأل عن ذلك؟ فقيل : فارقنا القرّاء ، والعبّاد ، والفقهاء في حديث طويل ، وهم يعنون الخوارج ، فلما انفصلوا حاربهم بعد الاحتجاج وقتلهم لما ناصبوه وباينوه ، ولم نعلم لو كانت لهم قرى ومزارع وأعانوا الظلمة ما كان رأيه فيهم ، وإن شئت فقد اتضح لنا رأيهعليهالسلام في من هذه حاله تصريحا فإن أهل قرقيسا كان ميلهم إلى معاوية لكونهم عثمانية على أنهم كانوا موادعين غير حائلين بين عمال علي عليهالسلام وبين فيض الخوارج ، فسالمهم قيس بن سعد رحمهالله برأيه ، وأمره علي عليهالسلام بمحاربتهم فكره ذلك فكان سبب عزله ، وتولية محمد بن أبي بكر رضي الله عنه فحاربهم محمد فلم يظفر ، وكان أخذ مصر بسببهم.
وأما ما ذكرت من أهل الجمل وكلامه عليهالسلام لابن الكوّاء حتى قال : وأيكم يأخذ عائشة ، فلسنا نجيز السبي في الفساق ، وهذا حكمهم الذي يميزهم من الكفار.
وأما أنه لم يأخذ إلا ما حواه العسكر ولم يعرض للأملاك والذراري فهذا رأيه عليهالسلام وهو حق ، ويجوز أن يجتهد غيره من الأئمة اجتهادا يخالف اجتهاده ويكون حقا ؛ ألا ترى أن المشهور عنه عليهالسلام جواز بيع أمهات الأولاد وسائر الأئمة لا يجوز إلا ما حكي عن الناصر الكبير عليهالسلام والإمامية ، وكذلك في الفرائض مسائل كثيرة خولف فيها فلم يضلل أحدا ممن خالفه بل تولاهم ويعرف حقهم وذلك ظاهر ، على أن أهل زماننا هذا ليسوا بغاة لأن الباغي يكون مؤمنا في الأصل فتعرض له الشبهة فيحارب يطلب الهدى ، كما قال تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ