ولأجل ما تقدم ـ من أنه أم الأسماء ، وكونه مظهرا لجملة من أسمائه المقدسة ـ لم يرد في القرآن الكريم دعاء من عباده إلّا مبدوّا باسم الرب قال تعالى : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) [سورة البقرة ، الآية : ٢٠١] وقال تعالى : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) [سورة آل عمران ، الآية : ١٤٧] وقال تعالى : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) [سورة إبراهيم ، الآية : ٣٥] وقال تعالى : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [سورة البقرة ، الآية : ٢٦٠] وغيرها من الآيات المباركة.
ولعل السر في ذلك هو إفادة هذا اللفظ حالة الانقطاع إلى الله تعالى أكثر من غيره ولذا وقع من أنبيائه العظام في تلك الحالة قال تعالى عن لسان نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «(يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) [سورة الفرقان ، الآية : ٣٠] ، وقال تعالى عن لسان نوح (عليهالسلام) : (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) [سورة نوح ، الآية : ٥].
فليس في أسمائه المقدسة أعم نفعا وأكمل عناية ولطفا من اسم (الرب) بالمعنى الذي ذكرناه ، ولعل المراد بقوله تعالى : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) [سورة المؤمنون ، الآية : ٨٨] وقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٨٥] وقوله تعالى : (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) [سورة يس ، الآية : ٨٣] هو الربوبية العظمى الإلهية فإن التغييرات والتبدلات اللازمة لعالم الكون والفساد ، والإفاضات الحاصلة منه تعالى على العوالم هي عبارة عن الملكوت المضافة اليه تعالى.
مع أن الثابت في علم الفلسفة ان ما سواه تبارك وتعالى يحتاج إليه تعالى في البقاء كما يحتاج إليه في أصل الحدوث ففي كل لحظة ـ بل أقل منها ـ له رحمة خالقية وربوبية بالنسبة إلى ما سواه من الموجودات وهذا هو معنى القيمومية المطلقة التي لا يمكن إحاطة الإنسان بها وبالربوبية العظمى كعدم إمكان الإحاطة بذاته تعالى وتقدس شأنه.
قوله تعالى : (الْعالَمِينَ) : جمع عالم وهو أيضا جمع ، لا واحد له من