نَجْواكُمْ صَدَقَةً﴾(١) .
عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية ، فقال : « قدّم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بين يدي نجواه صدقة ، ثمّ نسخها قوله : ﴿أَ أَشْفَقْتُمْ ...﴾(٢) .
وقد استدلّ الخاصّة والعامّة بهذه الآية على فضيلة أمير المؤمنين عليهالسلام على غيره من الصحابة (٣) ، وتقريره أنّه سبق سائر الصّحابة إلى العمل بمضمونها ، وبعد عمله بها نسخت ، فكان نزولها بيانا لأفضليّته عليهم ، لمسارعته إلى قبول أوامر الله تعالى والعمل بها قبلهم فكان أفضل منهم.
وقال بعض أصحابنا : فيه تكذيب لمن يدّعي من أهل السّنّة أنّ أبا بكر ذا مال ، وكان يصرف أمواله في سبيل الله ، حيث إنّ من بخل بصدقة درهم أو درهمين بين يدي نجوى النبي صلىاللهعليهوآله ، ورضي بمفارقته عشرة أيّام وترك مكالمته ، كيف يرضى بإنفاق المال الكثير ؟ ! .
ومنها : في سورة المزّمّل ، قوله تعالى : ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ﴾(٤) .
عن القمّي ، عن الباقر عليهالسلام في هذه الآية : « ففعل ذلك النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وبشّر النّاس به ، واشتد ذلك عليهم [ وقوله : ]﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ وكان الرجل يقوم ولا يدري متى ينتصف الليل ، ومتى يكون الثلثان ، وكان الرجل يقوم حتّى يصبح مخافة أن لا يحفظه ، فأنزل الله : [﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ﴾ إلى قوله ] : ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ..﴾(٥) يقول : متى يكون النّصف والثّلث ، نسخت هذه الآية : ﴿فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾(٦) .
وأمّا ما عدّه العامّة من الآيات المنسوخة مضافا إلى ما ذكر ، فآيات :
منها : قوله تعالى في سورة النساء : ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾(٧) قالوا : كان الرجل يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك ، وهدمي هدمك (٨) ، وسلمي سلمك ، وحربي حربك ، وترثني وأرثك ، وتعقل عنّي وأعقل عنك ، فيكون للحليف السّدس من ميراث الحليف ، فنسخ بقوله تعالى : ﴿وَأُولُوا
__________________
(١) المجادلة : ٥٨ / ١٢.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٥٧ ، والآية من سورة المجادلة : ٥٨ / ١٣.
(٣) تفسير الطبري ٢٨ : ١٤ ، الكشاف ٤ : ٤٩٤ ، الدر المنثور ٨ : ٨٤ ، تفسير القمي ٢ : ٣٥٧.
(٤) المزمل : ٧٣ / ٢٠.
(٥) المزمل : ٧٣ / ٢٠.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٣٩٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٤٣.
(٧) النساء ٤ : ٣٣.
(٨) الهدم - بالفتح - : المهدر من الدماء ، يقال : دمه هدم ، أي هدر ، والهدم - بالكسر - : كساء من صوف ، والظاهر أنّ المراد الأوّل.