الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ...﴾(١) .
وعن القمّي رحمهالله : ﴿وَأُولُوا الْأَرْحامِ ...﴾ نسخت قوله : ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ﴾(٢) .
وفي ( الكافي ) : عن الصادق عليهالسلام : « إذا والى الرجل الرجل فله ميراثه وعليه معقلته » (٣) . يعني دية جناية خطأه ، فتدلّ هذه الرّواية على أنّها غير منسوخة على الإطلاق ، ويجمع بينها وبين الروايات السابقة بأنّ آية اولوا الأرحام نسخت إطلاق حكمها وقيّدتها بصورة فقد اولي الأرحام ، كما عليه الأصحاب.
وقال بعض العامّة : معناه أعطوهم نصيبهم من النّصر ، والعقل ، والرفد (٤) ، ولا ميراث (٥) . وعلى هذا فلا تكون أيضا منسوخة.
ومنها : قوله تعالى في سورة البقرة : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾(٦) فكان يحرم عليهم الجماع في اللّيل ، مطلقا على قول ، أو بعد صلاة العشاء ، أو بعد النوم ، وهذا حكم صوم أهل الكتاب ، فنسخ بقوله تعالى : ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ﴾(٧) وببالي أنّ به قال النعماني من أصحابنا (٨) .
وفيه : أنّه لا دلالة في قوله تعالى : ﴿كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ على حرمة الرّفث في اللّيل للصّائم ، ولم يرد في أخبار أهل البيت عليهمالسلام ما يدلّ على إرادة هذا الحكم من التشبيه ، بل فيها ما يدلّ على خلافه ، حيث إنّه فسّر بأنّ الصوم واجب عليكم كوجوبه على سائر الامم أو على خصوص الأنبياء السّلف.
وظاهر هذا التّفسير تشبيه الوجوب بالوجوب ، لا تشبيه الواجب بالواجب ، مع أنّه لم يثبت أنّ من أحكام صوم الذين من قبلهم حرمة الجماع عليهم باللّيل ، حتّى يدخل في كيفيّات الصّوم الذي هو في الشّرع الإمساك في النّهار عن الامور المعيّنة.
ومنها : قوله تعالى في تلك السورة : ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾(٩) .
قال بعض العامّة : كان المسلمون مخيّرين بين الصّوم والفدية في أوّل الأمر ، ثمّ نسخت بقوله
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ : ٣٤ ، الدر المنثور ٢ : ٥١٠ ، تفسير الصافي ١ : ٤١٤ ، والآية من سورة الأنفال : ٨ / ٧٥.
(٢) تفسير القمي ١ : ١٣٧ ، تفسير الصافي ١ : ٤١٤ ، والآية من سورة النساء : ٤ / ٣٣.
(٣) الكافي ٧ : ١٧١ / ٣.
(٤) في تفسير الطبري : والرفادة.
(٥) تفسير الطبري ٥ : ٣٥.
(٦) البقرة : ٢ / ١٨٣.
(٧) البقرة : ٢ / ١٨٧.
(٨) تفسير النعماني : ١٠.
(٩) البقرة : ٢ / ١٨٤.