قالوا : إنّها منسوخة بقوله تعالى : ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ﴾(١) .
وفيه : أنّ ظاهر الآية الأولى يدلّ على جواز نكاح الزّاني المسلم للمشركة ، وجواز نكاح المشرك الزّانية المسلمة ، والظاهر أنّ هذا الحكم لم يكن في وقت من الأوقات ، فلا بدّ من حمل الآية على الزّاني والزّانية الكافرين ، بقرينة قوله : ﴿وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾
ومن الواضح أنّ حرمة نكاح الزّاني الكافر والمشرك للمؤمنة ونكاح الزانية الكافرة والمشركة للمؤمن غير منسوخة ، وروايات أهل البيت وإن كانت متعارضة في جواز نكاح الزّانية قبل التّوبة ، إلّا أنّ الأخبار المانعة غير معمول بها عند المشهور من أصحابنا ، فلا بدّ من حملها على الكراهية.
والحاصل : أنّه لم يثبت من طريق أهل البيت عليهمالسلام نسخ لحكم الآية الاولى ، بل الظاهر من الرّوايات العديدة عدمه ، وتفسيرها بالمشهورات بالزّنا (٢) .
ومنها : قوله تعالى في تلك السورة : ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ﴾(٣) .
قال بعضهم : إنّها منسوخة ، ولم يذكر الناسخ ، وأنكره بعض آخر (٤) . ولم أظفر في رواياتنا ما يدلّ على نسخها.
ومنها : قوله تعالى في سورة الأحزاب : ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ﴾(٥) .
قالوا : هي منسوخة بقوله تعالى : ﴿إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي﴾ الآية (٦) .
وفيه : أنّه لم أفهم له وجها ، ولم يرد فيه خبر.
ومنها : قوله تعالى في الممتحنة : ﴿فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا﴾(٧) .
قال بعض منهم : إنّها منسوخة بآية السّيف (٨) ، وبعض آخر : بآية الغنيمة (٩) .
ومنها : قوله تعالى في سورة المنافقون : ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ﴾(١٠) .
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٧٥ ، والآية من سورة النور : ٢٤ / ٣٢.
(٢) راجع : الكافي ٥ : ٣٥٥ / ٦.
(٣) النور : ٢٤ / ٥٨.
(٤) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٧٦.
(٥) الاحزاب : ٣٣ / ٥٢.
(٦) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٧٦ ، والآية من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٠.
(٧) الممتحنة : ٦٠ / ١١.
(٨) هي الآية الخامسة من سورة التوبة : ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ....)
(٩) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٧٦.
(١٠) المنافقون : ٦٣ / ١٠.