المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين أيضا ، كما روي عن الباقر عليهالسلام في حديث ، قال : « ظهر القرآن للذين نزل فيهم ، وبطنه للذين (١) عملوا بمثل أعمالهم » (٢) .
وفي رواية اخرى : عنه عليهالسلام قال : « ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ، ثمّ مات اولئك [ القوم ] ماتت الآية ، لما بقي من القرآن شيء ، ولكن القرآن يجري أوّله على آخره ما دامت السماوات والأرض » (٣) .
وعنه عليهالسلام في رواية ، قال في قوله تعالى : ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ﴾(٤) « عليّ الهادي ، ومن الهادي [ اليوم ] ؟ » فقلت : أنت جعلت فداك الهادي. قال : « صدقت ، إنّ القرآن حيّ لا يموت ، والآية حيّة لا تموت. فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام وماتوا ماتت الآية لمات القرآن (٥) ، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام : « إنّ القرآن حيّ لا يموت ، وإنّه يجري كما يجري اللّيل والنّهار ، وكما تجري الشمس والقمر ، ويجري على آخرنا كما يجري على أوّلنا » (٧) .
وبالجملة : الرّوايات الّتي تدلّ على أنّ جميع القرآن في شأن الأئمّة عليهمالسلام وإيجاب ولايتهم كثيرة جدّا ، بل وردت روايات في آيات ظاهرها بيان الأحكام ، وباطنها بيان شأنهم ، كما روي عن عبد الله بن سنان ، قال ذريح المحاربيّ : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قوله تعالى : ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾(٨) فقال : « المراد لقاء الإمام عليهالسلام » .
[ قال عبد الله بن سنان ] : فأتيت أبا عبد الله صلوات الله عليه وقلت له : جعلت فداك ، قول الله عزوجل : ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ قال : « أخذ الشّارب وقصّ الأظفار وما أشبه ذلك » فحكيت له كلام ذريح ، فقال عليهالسلام : « صدق ذريح ، وصدقت [ أنت ] ، إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا ، ومن يحتمل ما يحتمل ذريح ! » (٩) .
قال الفيض : إنّ جماعة من أصحابنا صنّفوا كتبا في تأويل القرآن على هذا النّحو ، جمعوا فيها ما ورد عنهم عليهمالسلام في تأويل آية آية ، إمّا بهم أو بشيعتهم أو بعدوّهم على ترتيب القرآن ، وقد رأيت منها
__________________
(١) في تفسير العياشي : الذين.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٨٦ / ٣٤.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٨٥ / ٣١ ، بحار الأنوار ٩٢ : ١١٥ / ٤.
(٤) الرعد : ١٣ / ٧.
(٥) في العياشي : في الأقوام ماتوا فمات القرآن.
(٦) تفسير العياشي ٢ : ٣٧٩ / ٢١٨٥.
(٧) تفسير العياشي ٢ : ٣٧٩ / ٢١٨٥.
(٨) الحج : ٢٢ / ٢٩.
(٩) معاني الأخبار : ٣٤٠ / ١٠.