كتابا كاد يقرب من عشرين ألف بيت (١) .
وقد ذكر أصحابنا لذلك أسرارا ، أحسنها أنّه تعالى لمّا جعل الأنوار المقدّسة في الخلق مظاهر لصفاته الجلاليّة والجماليّة بهم عرف الله وبهم عبد ، فلا يحصل لأحد قرب إلى الله إلّا بالقرب إليهم ، ولا الإيمان بالله إلّا بالايمان بهم ، ولا يعرف الله الّا بمعرفتهم ، ولا ينال أحد درجة عند الله إلّا بولايتهم.
فكلّ أمر في القرآن بالإيمان بالله وبعرفانه وبالقرب إليه ، يكون أمرا بالإيمان بهم وبعرفانهم وبالقرب إليهم ، وكلّ تكليف جعل مقرّبا إلى الله ، يكون مقرّبا إليهم ، وكلّ مدح يكون للمؤمنين ، يكون لهم ولشيعتهم ، وكلّ ذمّ ووعيد يكون للكفار ولأعداء الله ، يكون في الواقع راجعا إلى الكافرين بهم وإلى أعدائهم ، وكلّ ما هو راجع إلى الله ، راجع إليهم ، فهم صلوات الله عليهم مع الله ، والله معهم ، لا يفارقونه في شيء ولا يفارقهم.
ويشهد لما ذكر الأخبار الواردة في أنّ ولايتهم قرينة ولاية الله وتوحيده ، وأنّهم علّة غائيّة لخلق العالم ، وأنّ جميع الأنبياء من أوّل الخلق ، كما كانوا مأمورين بدعوة اممهم إلى التوحيد ، كانوا مأمورين بدعوتهم إلى الإقرار بولايتهم ومعرفة حقوقهم.
في ( تفسير الإمام عليهالسلام ) أنّه قال : « ولاية محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم هي الغرض الأقصى والمراد الأفضل ، ما خلق الله أحدا من خلقه ، ولا بعث أحدا من رسله إلّا ليدعوهم إلى ولاية محمّد وعليّ وخلفائه صلوات الله عليهم ، ويأخذ عليهم العهد ليقيموا عليه ، وليعلموا به (٢) سائر عوامّ الأمم » (٣) .
وعن ( أمالي الشيخ ) : عن محمّد بن عبد الرحمن ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبيّ قطّ إلّا بها » (٤) .
وفي ( الكافي ) : عن عبد الأعلى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « ما من نبيّ جاء قطّ إلّا بمعرفة حقّنا ، وتفضيلنا على من سوانا » (٥) .
وفيه أيضا : عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « ولاية عليّ صلوات الله عليه مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ، ولم يبعث الله رسولا إلّا بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ووصيّة عليّ عليهالسلام » (٦) .
__________________
(١) تفسير الصافي ١ : ٢٣ ، منها تأويل الآيات لشرف الدين النجفي ، وكتاب الهداية القرآنية إلى الولاية الإمامية للسيد هاشم البحراني.
(٢) في التفسير : وليعمل به.
(٣) التفسير المنسوب إلى الامام العسكري عليهالسلام : ٣٧٩ / ٢٦٤.
(٤) أمالي الطوسي : ٦٧١ / ١٤١٢.
(٥) الكافي ١ : ٣٦٢ / ٤.
(٦) الكافي ١ : ٣٦٣ / ٦.