عقلها » (١) .
وعن ( أمالي الصّدوق رضوان الله عليه ) في مناهي النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « ألا ومن تعلّم القرآن ثمّ نسيه متعمّدا ، لقي الله [ يوم القيامة ] مغلولا ، يسلّط الله عليه بكلّ آية منه حيّة تكون قرينه إلى النّار ، إلّا أن يغفر له » (٢) .
ويؤيد ذلك قوله تعالى : ﴿فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى * قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً* قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى﴾(٣) .
هذا ما يمكن أن يستدلّ به لحرمة النسيان ، ولم يحضرني في المسألة قول من أصحابنا ، والأظهر كراهة التّرك المذكور لضعف سند ما عدا رواية المناهي ، وعدم دلالة بعضها إلّا على الكراهة ، كقوله : « لقي الله يوم القيامة أجذم » بل دلالة ما في ( الصّحيحين ) على الارشاد بقرينة ذيله ، وعدم ربط الآية بالمقام ، لأنّ المراد بالنّسيان في قوله : ﴿فَنَسِيتَها﴾ هو ترك الاعتناء بها ، كما أنّ المراد من قوله : ﴿تُنْسى﴾ ترك الإثابة ، مع معارضة جميعها بما روي عن الهيثم بن عبيد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن رجل قرأ القرآن ثمّ نسيه ، - فرددت عليه ثلاثا - : أعليه فيه حرج ؟ قال : « لا » (٤) .
وبما رواه عبد الله بن مسكان ، عن يعقوب الأحمر ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ، إنّه قد أصابني هموم وأشياء لم ييق من الخير إلّا [ وقد ] تفلّت منّي منه طائفة ، حتّى القرآن ، لقد تفلّت منّي طائفة منه. قال : ففزع عند ذلك حين ذكرت القرآن ، ثمّ قال : « إنّ الرجل لينسى السّورة من القرآن فتأتيه يوم القيامة حتّى تشرف عليه من درجة من بعض الدّرجات فتقول : السّلام عليك ، فيقول : وعليك السّلام ، من أنت ؟ فتقول : أنا سورة كذا وكذا ، ضيّعتني وتركتني ، أما لو تمسّكت بي بلغت بك هذه الدّرجة » الخبر (٥) ، فإنّ دلالته على عدم الحرمة ، لدلالته على دخول الناسي في الجنّة ، وسلام القرآن عليه وحرمانه عن الدّرجات العالية واضحة.
وأمّا رواية المناهي فهي محمولة على تقدير صحّة السّند أو وثاقته على النّسيان المسبب عن الإعراض عن القرآن والتّهاون وعدم الاعتناء به والاستخفاف بشأنه ، وهو من أشدّ المعاصي ، بل هو في معنى الكفر.
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٣.
(٢) أمالي الصدوق : ٥١٣ / ٧٠٧.
(٣) طه : ٢٠ / ١٢٤ - ١٢٦.
(٤) الكافي ٥ : ٤٤٥ / ٥.
(٥) الكافي ٥ : ٤٤٦ / ٦.