الفتن من كلّ جانب ، وحدثت المفاسد.
وعن العالم موسى بن جعفر عليهالسلام : « أنّه إذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة في يوم الغدير : لا تفسدوا في الأرض بإظهار نكث البيعة لعباد الله المستضعفين فتشوّشوا عليهم دينهم وتحيّروهم في دينهم ومذاهبهم » (١) . الخبر.
أقول : الظاهر إرادة جميع أنحاء الفساد للإطلاق ، وعدم ما يدلّ على إرادة فساد خاصّ ، بل الظاهر من حالهم أنّهم كانوا لا يتركون شيئا ممّا يوجب الفساد في الدّين وأمر نبوّة خاتم النبيّين ، وكذا في أمر خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام عند قدرتهم عليه ، وتيسّره لهم.
ومع ذلك ﴿قالُوا﴾ جوابا للناصحين من المؤمنين ، وردّا عليهم : لسنا مفسدين ، بل ﴿إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ بين المشركين والمسلمين بالمداراة معهم ، أو المراد أنّهم قالوا لمن كان على طريقتهم وعقيدتهم من الكفر : إنّ نقاقنا وإلقاء الفتنة بين المشركين والمسلمين وإلقاء الشبهات في قلوب المؤمنين محض الصلاح والإصلاح ، حيث إنّا بتلك الأعمال نحفظ ديننا من اليهوديّة والوثنيّة ، ودماءنا وأعراضنا وأموالنا بإظهار الإسلام.
وعن موسى بن جعفر عليهالسلام : « قالوا - يعني الناكثين لبيعة أمير المؤمنين عليهالسلام - إنّما نحن مصلحون لأنّا لا نعتقد دين محمّد صلىاللهعليهوآله ولا غير دين محمّد ، ونحن في الدّين متحيّرون ، فنحن نرضي في الظاهر محمّدا بإظهار قبول دينه وشريعته ، ونقضي في الباطن على شهواتنا ، فنتمتع ونترفّه ونعتق أنفسنا من دين محمّد ونكفّها من طاعة عليّ لكيلا نذلّ في الدنيا » (٢) الخبر.
فردّ الله عليهم بقوله : ﴿أَلا﴾ تنبّهوا أيّها المؤمنون ﴿إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾ في الأرض ، لا مفسد أفسد منهم ، لأنّ عملهم عين الفساد ومحضه ، حيث إنّه تشييد للباطل ، وتضعيف للحقّ ، وإثارة للفتن ، وسبب لكثرة الحروب وإراقة الدّماء ، مع غلبة المسلمين.
أو المراد « أنّهم مفسدون امور أنفسهم بما يفعلون ، حيث إنّ الله تعالى يعرّف نبيّه صلىاللهعليهوآله نفاقهم ، فهو يلعنهم ويأمر المسلمين بلعنهم أيضا ، ولا يثق بهم أعداء المؤمنين لأنّهم يظنّون أنّهم ينافقونهم أيضا
__________________
(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ١١٨ / ٦١.
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ١١٨ / ٦١.