بيضاء ، والثالثة قيدون (١) وهي من ياقوتة حمراء ، والرابعة ماعون وهي من درّة بيضاء ، والخامسة ديفاء (٢) وهي من ذهب أحمر ، والسادسة وفناء وهي من ياقوتة صفراء ، والسابعة عروباء وهي نور يتلألأ (٣) .
﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من حقائق الموجودات واستعداداتها ومنافعها ومصالحها الراجعة إلى العالم ﴿عَلِيمٌ﴾ محيط ، لا يعزب عنه مثقال ذرّة.
وفي التذييل به دلالة على أنّ علّة خلق الأشياء على هذا النمط الأكمل ، علمه بكنهها ومصالحها ، كما أنّ هذا النّسق العجيب ، والترتيب الأنيق في الخلق دال على كمال علمه تعالى وحكمته.
في بيان أنّ خلق الأرض قبل السّماء
ثمّ اعلم أنّ المستفاد من هذه الآية وغيرها أن خلق الأرض وما فيها كان قبل خلق السّماوات ، ومقتضى قوله تعالى في ( النازعات ) : ﴿أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها﴾ إلى قوله : ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها﴾(٤) أنّ خلق الأرض كان بعد خلق السّماء.
وقيل في الجمع بينها : إنّ ﴿ثُمَ﴾ في تلك الآيات ليس للترتيب ، بل إنّما هو على جهة تعديد النعم ، كما يقول الرجل لغيره : أ ليس قد أعطيتك النعم العظيمة ، ثمّ رفعت قدرك ، ثمّ دفعت الخصومة عنك ؟ ولعلّ بعض ما أخّر ذكره قد تقدّم (٥) .
وقيل : إنّ كلمة ﴿بَعْدَ﴾ في قوله : ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ﴾ بمعنى ( مع ) مثل كلمة ( بعد ) في قوله ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ﴾(٦) .
وقيل : إنّها على أصلها ، وإنّ خلق الأرض كان قبل خلق السّماوات ، ودحوها بعده ، لما روي عن ابن عبّاس قال : خلق الله الأرض قبل السّماء ، فقدّر فيها أقواتها ولم يدحها ، ثمّ خلق السّماء ، ثمّ دحا الأرض من بعدها (٧) .
في اعتراض الفخر الرازي على قول ابن عبّاس وجوابه
وردّ هذا القول بوجهين :
الأوّل : أنّ الأرض جسم عظيم لا يمكن انفكاك خلقها عن التّدحية ، فإذا كانت التّدحية متأخّرة ، كان خلقها متأخّرا.
__________________
(١) في تفسير روح البيان : قيدوم.
(٢) في تفسير روح البيان : دبقاء.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٩١.
(٤) النازعات : ٧٩ / ٢٧ - ٣٠.
(٥) تفسير الرازي ٢ : ١٥٥.
(٦) القلم : ٦٨ / ١٣.
(٧) الدر المنثور ٨ : ٤١٢.