وبشره ، وأمّا المخالفون فيكلّمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الإيمان ، فإن يئس من ذلك يكفّ شرورهم عن نفسه و[ عن ] إخوانه المؤمنين » (١) .
ثمّ قال عليهالسلام : « إنّ مداراة أعداء الله من أفضل صدقة المرء على نفسه وإخوانه ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآله في منزله إذ استأذن عليه عبد الله بن أبي سلول ،
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بئس أخو العشيرة ، ائذنوا له ، [ فأذنوا له ] فلمّا دخل ، أجلسه وبشر في وجهه ، فلّما خرج قالت له عائشة : يا رسول الله ، قلت فيه ما قلت ، وفعلت فيه [ من البشر ] ما فعلت !
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عويش ، يا حميراء ، إنّ شرّ النّاس عند الله يوم القيامة من يكرم اتّقاء شرّه » (٢) .
في أنّ قوله تعالى : ﴿قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ هل هو منسوخ أم لا ؟
وفي رواية عن الباقر عليهالسلام : « أنّها نزلت في أهل الذّمّة ، ثمّ نسخها قوله تعالى : ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾(٣) ... » إلى آخر الآية (٤) .
القمّي رحمهالله قال : نزلت في اليهود ، ثمّ نسخت بقوله تعالى : ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ...﴾(٥).
وقال الفيض رحمهالله : التوفيق بأن يقال : نسخت في حقّ اليهود وأهل الذمّة المأمور بقتالهم ، وبقي حكمها في حقّ سائر النّاس (٦) .
أقول : ما نسخت في حقّ أهل الذّمة أيضا مطلقا ، بل في موقع أقتضت المصلحة الجهاد معهم ، وأمّا في موقع الهدنة وموقع يمكن دعوتهم واجتلابهم إلى الإيمان بالمجادلة الحسنة ، فحكم الآية باق في حقّهم أيضا ، وأمّا قوله : نزلت في أهل الذمّة أو في اليهود ، معناه أنّهم المورد فلا ينافي عموم الحكم لغيرهم.
فإن قيل : الروايتان متعارضتان ، حيث إنّ في إحداهما قال : نسخت ب اقتلوا ﴿الْمُشْرِكِينَ﴾ وفي الاخرى ب ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾
قلت : يمكن الجمع بأنّ كلتي الآيتين بمضمونهما ، ناسختان لعمومها. حيث إنّ اليهود من المشركين بقولهم عزير ابن الله ، والنّصارى بقولهم : إنّ الله ثالث ثلاثة ، أو قولهم : المسيح ابن الله ، وكلا الفريقين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر حقّ الإيمان.
__________________
(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٥٣ / ٢٤٠.
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٥٤ / ٢٤١.
(٣) التوبة : ٩ / ٢٩.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٤٠ / ١٧٠ ، عن الصادق عليهالسلام.
(٥) تفسير القمي ١ : ٥١ ، والآية من سورة التوبة : ٩ / ٥.
(٦) تفسير الصافي ١ : ١٣٧.