عظيمة ورياضة ثقيلة على النّفس ، ولذا وعد الله عليه الأجر العظيم ، وأنّهم لضعفهم وقصورهم أولى بالرّعاية من غيرهم بعد الأقارب.
ثمّ لا ريب أنّ الإحسان والتكفّل ليتامى آل محمّد صلىاللهعليهوآله وهم المنقطعون عن إمامهم ، الجاهلون بشرائعهم وتكاليفهم ، أعظم أجرا منه ، كما روي عن العسكريّ عليهالسلام : « أنّ من هداه [ وأرشده ] وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرّفيع (١) الأعلى » (٢) .
ثمّ الأولى بعدهم بالرعاية والإحسان الفقراء ﴿وَالْمَساكِينِ﴾ الذين أسكنهم الفقر عن الحركة.
روي : « أنّ من واساهم بحواشي ماله ، وسّع الله عليه جنانه ، وأناله غفرانه ورضوانه » (٣) .
ثمّ قال : « إنّ من محبّي محمّد صلىاللهعليهوآله مساكين مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقرث ، وهم الذين سكنت جوارحهم وضعفت قواهم عن مقابلة أعداء الله الذين يعيّرونهم بدينهم ويسفّهون أحلامهم ، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّى أزال مسكنتهم ، ثمّ سلّطهم على الأعداء الظاهرين من النّواصب ، وعلى الأعداء الباطنين إبليس ومردته حتّى يهزموهم عن دين الله ويردّوهم عن أولياء آل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حوّل الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم وأعجزهم عن إضلالهم ، وقضى الله بذلك قضاء حقّا على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله » (٤) .
ثمّ بعد ذكر الطوائف الأربع الذين تجب رعايتهم مالا وعشرة ، بيّن وجوب الإحسان إلى غيرهم بقوله : ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ﴾ الّذين لا مؤنة لهم عليكم ، سواء كانوا من المؤمنين أو من مخالفيهم من اليهود وغيرهم ﴿حُسْناً﴾ وعاملوهم وواجهوهم بالبشر وخلق جميل.
عن الباقر عليهالسلام : « قولوا للنّاس [ أحسن ] ما تحبّون أن يقال لكم » (٥) .
وفي رواية : « أنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم ، فسعوهم بأخلاقكم » (٦) .
عن الصادق عليهالسلام : « قولوا للنّاس كلّهم حسنا مؤمنيهم ومخالفيهم ، أمّا المؤمنون فيبسط لهم وجهه
__________________
(١) في تفسير العسكري عليهالسلام : الرفيق.
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٣٩ / ٢١٤.
(٣) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكرى عليهالسلام : ٣٤٥ / ٢٢٦.
(٤) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٤٦ / ٢٢٧.
(٥) تفسير العياشي ١ : ١٣٩ / ١٦٧ ، الكافي ٢ : ١٣٢ / ١٠ ، مجمع البيان ١ : ٢٩٨.
(٦) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٢٨١ / ٨٣٥.