عيسى عليهالسلام ﴿وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ الآيات ﴿الْبَيِّناتِ﴾ والمعجزات الباهرات ، وإفراد عيسى عليهالسلام بالذكر بعد الرسل ؛ لاستقلاله بالشّريعة ، فإنّ شريعته ناسخة لشريعة موسى عليهالسلام.
في وجه تسمية جبرئيل عليهالسلام بروح القدس
﴿وَأَيَّدْناهُ﴾ وأعنّاه ﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ قيل : هو جبرئيل عليهالسلام (١) . حيث إنّه خلق بنفخه وربيّ بتربيته ورفع إلى السّماء معه.
واطلاق الرّوح على جبرئيل عليهالسلام لأنّه واسطة إفاضة العلم الذي به حياة القلوب ، ولذلك سمّي القرآن من بين الكتب السّماويّة بالروح ؛ لاشتماله على المعارف الإلهيّة بمقدار لا يتحمّل فوقه البشر ، وعلى علوم يحتاج إليها الخلائق إلى يوم القيامة.
قيل : إنّ إضافة الرّوح إلى القدس اضافة الموصوف إلى الصفة (٢) ، والمعنى : الرّوح المقدّسة من الذّنب.
ثمّ بعد ذكر النعم العظيمة عليهم ذمّهم بكفرانها ، وقال تقريعا وتوبيخا لهم : ﴿أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ﴾ يا بني إسرائيل ﴿رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ﴾ وأتاكم بعهود وأحكام تخالف ميل خاطركم من وجوب اتّباع الكاملين وبذل الأنفس والأموال لنصرة الدّين ، والإيمان برسالة خاتم النّبيّين صلىاللهعليهوآله ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ واستثقلتم ما جاءكم به أو أخذكم الكبر ﴿فَفَرِيقاً﴾ من الرّسل ﴿كَذَّبْتُمْ﴾ كموسى وعيسى ﴿وَفَرِيقاً﴾ آخر منهم كنتم ﴿تَقْتُلُونَ﴾ كزكريّا ويحيى ، كما أنّكم كذّبتم محمّدا صلىاللهعليهوآله وأردتم قتله. قيل : سمّوه في خيبر.
وروي عنه صلىاللهعليهوآله قال عند موته : « ما زالت أكلة خيبر تعاودني » (٣) .
﴿وَقالُوا﴾ كناية عن نهاية تأبّيهم عن الايمان ﴿قُلُوبُنا غُلْفٌ﴾ ومغشّاة بأغشية مانعة من دخول ما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآله فيها ، فلا نفهم ما يقول. فردّ الله عليهم بأنّ قلوبهم لم تخلق كذلك ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ﴾ وخذلهم ﴿بِكُفْرِهِمْ﴾ بالله ورسوله ، فأبطل استعدادهم.
أو المراد : أنّ قلوبنا أوعية العلم ، ومع ذلك لا نرى لك خبرا في الكتب السّماويّة ، ولا على لسان أحد. فردّ الله عليهم بقوله : ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ﴾ وأبعدهم عن رحمته بسبب كفرانهم النعمة ﴿فَقَلِيلاً ما﴾ أي إيمانا قليلا ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ أو ببعض قليل في غاية القلّة من أحكام الله يصدّقون ويلتزمون. قيل : أراد
__________________
(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٧١ / ٢٦٠.
(٢) تفسير الجلالين ١ : ١٣.
(٣) تفسير الرازي ٣ : ١٧٨ ، تفسير أبي السعود ١ : ١٢٧.