وقيل : إنّه موضع آمن من القحط والجدب (١) لقوله تعالى : ﴿يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾(٢).
﴿وَ﴾ قلنا : ﴿اتَّخِذُوا﴾ يا عبادي ، واختاروا ﴿مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ﴾ وهو الحجر الذي عليه أثر قدمه ﴿مُصَلًّى﴾
شرح مقام إبراهيم عليهالسلام
عن الباقر عليهالسلام في رواية : « ولقد وضع عبد من عباد الله قدمه على صخرة ، فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتّخذها مصلّى » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « يعني بذلك ركعتي طواف الفريضة » (٤) .
روي أنّه لمّا أتى إبراهيم بإسماعيل وهاجر ، ووضعهما بمكّة وأتت على ذلك مدّة ونزلها الجرهميّون ، وتزوّج إسماعيل منهم امرأة وماتت هاجر ، إستأذن إبراهيم عليهالسلام سارة في أن يأتي هاجر ، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل.
فقدم إبراهيم عليهالسلام وقد ماتت هاجر ، فذهب إلى بيت إسماعيل فقال لامرأته : أين صاحبك ؟ قالت : ذهب يتصيّد ، وكان إسماعيل يخرج من الحرم يتصيّد. فقال لها إبراهيم عليهالسلام : هل عندك ضيافة ؟ قالت : ليس عندي. سألها عن عيشهم فشكت إليه ، فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه السّلام وقولي له : فليغيّر عتبة بابه.
وذهب إبراهيم عليهالسلام ، فجاء إسماعيل فوجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد ؟ قالت : جاءني شيخ صفته كذا وكذا - كالمستخفّة بشأنه - قال : فما قال لك ؟ قالت : قال : اقرئي زوجك السّلام وقولي له فليغيّر عتبة بابه. قال : ذلك أبي ، وقد أمرني أن افارقك ، الحقي بأهلك. فطلّقها وتزوّج منهم اخرى.
فلبث إبراهيم عليهالسلام ما شاء الله أن يلبث ، ثمّ استأذن سارة في أن يزور إسماعيل ، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل. فجاء إبراهيم عليهالسلام حتّى انتهى إلى باب إسماعيل عليهالسلام فقال لامرأته : أين صاحبك ؟ قالت : ذهب يتصيّد وهو يجيئ الآن إن شاء الله ، فانزل رحمك الله.
قال : هل عندك ضيافة ؟ قالت : نعم. فجاءت باللّبن واللّحم ، وسألها عن عيشهم. قالت : نحن في خير وسعة. فدعا لهما بالبركة ، ولو جاءت يومئذ بخبز [ أو برّ ] أو شعير أو تمر ، لكانت أكثر أرض الله برّا أو شعيرا أو تمرا ، وقالت له : انزل حتّى أغسل رأسك. فلم ينزل ، فجاءت بالمقام فوضعته على
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ٣٨٧.
(٢) القصص : ٢٨ / ٥٧.
(٣) تفسير العياشي ١ : ١٥٥ / ١٩٩.
(٤) التهذيب ٥ : ١٣٨ / ٤٥٤.