والعزّى (١) .
قيل : وجه تخصيص الأنواع الأربعة بالذّكر من بين المحرّمات ؛ لأنّ العرب كانوا يستحلّونها ويقولون : تأكلون ما أمتّم ولا تأكلون ما أماته الله ! وكانوا يشرون الدّم ويأكلونه ، وكانوا يأكلون لحم الخنزير وذبائح الأصنام ، فنهى الله هذه الأشياء الأربعة.
في جواز أكل المحرّمات في المخمصة والضرورة مطلقا
ثمّ منّ عليهم بإباحة أكلها في المخمصة (٢) بقوله : ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ والتجأ إلى أكل شيء من هذه المحرّمات لمجاعة أو إكراه ، حال كونه ﴿غَيْرَ باغٍ﴾ قيل : يعني غير ظالم على مضطرّ آخر بالاستئثار عليه (٣)﴿وَلا عادٍ﴾ ومجاوز في أكله عن حدّ سدّ الرّمق والجوع الشّديد. وروي أنّ الباغي : الظالم ، والعادي الغاصب (٤) .
وعن ( الفقيه ) : عن [ محمد بن علي ] الرّضا عليهالسلام عن أبيه عن آبائه عليهمالسلام : « سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقيل [ له : يا رسول الله ] إنّا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة ، فمتى تحلّ لنا الميتة ؟ قال : ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا (٥) بقلا فشأنكم بهذا » (٦) .
قال في ( المجمع ) : الاصطباح : أكل الصّبوح وهو الغداء ، والغبوق : أكل العشاء ، وأصلهما الشّرب ثمّ استعملا في الأكل (٧) .
قال عبد العظيم : فقلت له : يا ابن رسول الله ، فما معنى قول الله عزوجل : ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ﴾ قال : « العادي : السّارق : والباغي : الذي يبغي الصّيد بطرا أو لهوا لا ليعود [ به ] على عياله ، ليس
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٢٧٧.
(٢) أي المجاعة.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٢٧٧ ، تفسير أبي السعود ١ : ١٩١.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٧٦ / ٢٥٧ ، تفسير الصافي ١ : ١٩٤.
(٥) في التهذيب : ( أو تحتفوا ) من احتفى البقل : أخذه بأطراف أصابعه من قصره وقلّته ، كما في المغرب ١ : ١٣١ ، وفي القاموس ٤ : ٣١٨ ، احتفى البقل : اقتلعه من الأرض.
ونقل ابن الأثير عن أبي سعيد الضرير أنّه قال : صوابه ( تحتفوا ) بغير همز ، من أحفى الشعر ، ومن قال : تحتفئوا مهموزا هو من الحفأ ، وهو البردي ، فباطل ، لأنّ البردي ليس من البقول.
ونقل عن أبي عبيد قوله : هو من الحفأ ، مهموز مقصور ، وهو أصل البردي الأبيض الرطب منه ، وقد يؤكل ، يقول ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه. ويروى ( تحتفّوا ) بتشديد الفاء ، من احتففت الشيء : إذا أخذته كله ، كما تحفّ المرأة وجهها من الشعر. النهاية ١ : ٤١١.
(٦) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢١٧ / ١٠٠٧ ، التهذيب ٩ : ٨٣ / ٣٥٤ ، وفي من لا يحضره الفقيه : فشأنكم بها.
(٧) مجمع البحرين ٢ : ١٠٠٣.