والاثنين بالواحد. فلمّا جاء الإسلام تحاكموا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فنزلت ، وأمرهم الله أن يتساووا ويتعادلوا (١) .
في نبذ من أحكام القصاص
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنّ المقصود من هذه الآية بيان أن بين الحرّين والعبدين والذّكرين والاثنين يقع القصاص ، ويكفي ذلك فقط. فأمّا إذا كان القاتل للعبد حرّا أو للحرّ عبدا فإنّه يجب مع القصاص التّراجع ، وأمّا حرّ قتل عبدا فهو قوده ، فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحرّ قتلوه ، بشرط أن يسقطوا ثمن العبد من دية الحرّ ، ويردّوا إلى أولياء الحرّ بقيّة ديته.
وإن قتل عبد حرّا فهو به قود ، فإن شاء أولياء الحرّ قتلوا العبد وأسقطوا قيمة العبد من دية الحرّ وأخذوا الدية الكاملة ، وإن شاءوا أخذوا كلّ الدّية وتركوا قتل العبد.
وإن قتل رجل امرأة فهو بها قود ، فإن شاء أولياء المرأة قتلوه وأدّوا نصف الدّية. وإن قتلت المرأة رجلا فهي به قود ، فإن شاء أولياء الرّجل قتلوها وأخذوا نصف الدّية ، وإن شاءوا أخذوا كلّ الدّية وتركوها » (٢) .
عن الصادق عليهالسلام قال : « لا يقتل حرّ بعيد ، ولكن يضرب ضربا شديدا ويغرم دية العبد نصف الدّية ، ولا يقتل الرّجل بالمرأة إلّا إذا أدّى [ أهلها ] إلى أهله نصف الدّية » (٣) .
﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ﴾ أي إن حصل العفو للقاتل والجاني ﴿مِنْ أَخِيهِ﴾ وهو وليّ الدّم ﴿شَيْءٌ﴾ قليل من العفو وبعضه بأن يعفي عن بعض الدّم أو بعوض الدّية ، وفي التّعبير عن وليّ الدّم بالأخ إشعار بحسن تعطّف كلّ منهما على الآخر.
﴿فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ والمستحسن عند الشّرع والعقل بأن يعامل العافي مع المعفوّ عنه معاملة حسنة ولا يطالبه بالدّية إلّا مطالبة جميلة من غير تضييق وتشديد ﴿وَأَداءٌ﴾ من الجاني الدّية ﴿إِلَيْهِ﴾ ملتبسا ﴿بِإِحْسانٍ﴾ في الأداء بأن لا يبخس منها ، ولا يماطل فيه.
﴿ذلِكَ﴾ الحكم والتخيير بين القصاص والعفو بالدّية ﴿تَخْفِيفٌ﴾ وتوسعة عليكم ، كائن ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ حيث إنّ أهل التّوراة كان عليهم القصاص أو العفو ، ولم يكن لهم أخذ الدّية ، وكان على أهل الإنجيل العفو وأخذ الدّية ولم يكن لهم القصاص ﴿وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى﴾ وتجاوز على الجاني بأن قتله ﴿بَعْدَ ذلِكَ﴾ العفو أو الصّلح بالدّية ﴿فَلَهُ﴾ في الآخرة ﴿عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ وقيل : في الدنيا أيضا لقول
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٢٨٤.
(٢) تفسير الرازي ٥ : ٤٧.
(٣) تفسير الصافي ١ : ١٩٧.