لم يوص عند موته [ لذوي قرابته ] ممّن لا يرث ، فقد ختم عمله بمعصية » (١) .
نعم روى العيّاشي عن أحدهما عليهماالسلام : « أنّها منسوخة بآية المواريث » (٢) .
وقال بعض الأصحاب : إنّه لا ينسخ القرآن بخبر الواحد. وفيه : أنّه قد حقّق في الاصول جواز نسخه به إذا كان جامعا لشرائط الحجّيّة ، كما أنّه يجوز تخصيصه به حيث إنّ النّسخ نوع من التّخصيص.
في استحباب الوصية وكراهة تركها
ويمكن حمل الخبر الأوّل على شدّة الكراهة ، والخبر الثّاني على نسخ الوجوب مع بقاء استحبابه جمعا بين الرّوايات ، وقد حمله الشّيخ على التقيّة.
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّه شىء جعله الله لصاحب هذا الأمر » . قيل : هل لذلك حدّ ؟ قال : « أدنى ما يكون ثلث الثلث » (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن الوصيّة للوارث ، قال : « تجوز » ثمّ تلا هذه الآية (٤) .
والحاصل : أنّه لا شبهة في استحباب الوصيّة وعدم وجوبها ، وإنّ ظاهر الآية محمّول على تأكّد الاستحباب.
﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ من الوصيّ والشاهد وغيرهما من سائر النّاس ، وغيّر الإيصاء عن الوجه الذي أوصى به الموصي ﴿بَعْدَ ما سَمِعَهُ﴾ وحقّقه ، وثبت عنده ﴿فَإِنَّما﴾ عصيان التّبديل و﴿إِثْمُهُ﴾ محمول ﴿عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ لا على الموصي ولا على الموصى له.
ثمّ هدّد المبدّلين بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ﴾ لمقالهم ﴿عَلِيمٌ﴾ بأفعالهم ، فيعاقبهم عليها.
عن ( الكافي ) : عن أحدهما عليهماالسلام و( العيّاشيّ ) : عن الباقر عليهالسلام : في رجل أوصى بماله في سبيل الله ، قال : « أعطه لمن أوصى له ، وإن كان يهوديّا أو نصرانيا ، إنّ الله تبارك وتعالى يقول » وتلا هذه الآية (٥) .
ثمّ لا شبهة أنّ إطلاقها وإطلاق بعض الروايات مقيّد بالثلث فما دونه ، للرّوايات المتضافرة ، منها : ما عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ الله تصدّق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة لكم في أعمالكم » (٦) .
﴿فَمَنْ خافَ﴾ وتوقّع ، أو علم ﴿مِنْ مُوصٍ﴾ في وصيّته ﴿جَنَفاً﴾ وميلا عن الحقّ. عن الصادق عليهالسلام : « يعني إذا اعتدى في الوصيّة وزاد على الثلث » (٧) .
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ١٨٠ / ٢٧٢. (٢) تفسير العيّاشي ١ : ١٨٠ / ٢٧٣.
(٣) تفسير العياشي ١ : ١٨٠ / ٢٧٤.
(٤) مجمع البيان ١ : ٤٨٣.
(٥) الكافي ٧ : ١٤ / ٢ ، تفسير العياشي ١ : ١٨١ / ٢٧٥.
(٦) تفسير روح البيان ١ : ٢٨٨.
(٧) تفسير العياشي ١ : ١٨٢ / ٢٧٩ ، علل الشرائع : ٥٦٧ / ٤.