قيل : كان وجوبه بعد الهجرة بثلاث سنين.
ثمّ بيّن الله تعالى زمان الصّيام ووقته ، بقوله : ﴿أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ﴾ قيل : يعني مقدّرات بعدد معيّن (١) .
وقيل : إنّ المراد صوموا أيّاما قلائل ، فإنّ الشيء القليل يعدّ عدّا ، والكثير يهال هيلا (٢) .
ثمّ بيّن حكم ذوى الأعذار بقوله : ﴿فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً﴾ يضرّه الصّوم بتشديد مرضه أو إطالته أو عسر علاجه ﴿أَوْ﴾ كان راكبا ﴿عَلى سَفَرٍ﴾ إذا تلبّس به قبل الزّوال ﴿فَعِدَّةٌ﴾ موافقة لأيّام مرضه أو سفره ﴿مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ واجبة عليه قضاء ، ولا يجوز له الصّوم في الحالين.
عن الباقر عليهالسلام قال : « سمّى رسول الله صلىاللهعليهوآله قوما صاموا حين أفطر وقصّر عصيانا » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عمّن صام في السّفر ؟ فقال : « إن كان بلغه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن ذلك فعليه القضاء ، وإن لم يبلغه فلا شيء عليه » (٤) .
وفي رواية اخرى : « وإن صام بجهالة ، لم يقض » (٥) . والمشهور نصّا وفتوى أنّ السّفر ثمانية فراسخ ، امتداديّة ، أو تلفيقيّة.
﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ ويقدرون عليه مع المشقّة والعسرة ، كالشّيخ والشّيخة وذي العطاش والحامل المقرب ﴿فِدْيَةٌ﴾ مقدّرة واجبة عليهم إن أفطروا ، وهي ﴿طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ واحد وإشباعه عوضا عن الصّوم الذي فات منه.
روي عن الصادق عليهالسلام أنّ معناه : « وعلى الّذين كانوا يطيقون الصّوم ثمّ أصابهم الكبر أو العطاش أو شبه ذلك ، فدية لكلّ يوم مدّ من الطّعام » (٦) .
﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ﴾ وتبرّع ﴿خَيْراً﴾ وزاد في الفدية المقرّرة ﴿فَهُوَ﴾ عند ربّه ﴿خَيْرٌ﴾ وأنفع ﴿لَهُ﴾ وأكثر مثوبة في الآخرة.
﴿وَأَنْ تَصُومُوا﴾ أيّها المطيقون ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وأفضل من الفدية والتطوّع بالزيادة ، وأنتم أيّها المؤمنون ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ما في الصّوم من الفضيلة اخترتموه لا محالة. في الحديث القدسيّ : « الصّوم لي ، وأنا أجزي به » (٧) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٥ : ٧٣ ، وفيه : بعدد معلوم.
(٢) تفسير روح البيان ١ : ٢٩٠.
(٣) الكافي ٤ : ١٢٧ / ٦ ، تفسير الصافي ١ : ٢٠٠ ، وفيهما : وقصر عصاة.
(٤) الكافي ٤ : ١٢٨ / ١ ، تفسير الصافي ١ : ٢٠٠.
(٥) الكافي ٤ : ١٢٨ / ٣ ، تفسير الصافي ١ : ٢٠٠.
(٦) جوامع الجامع : ٣٤.
(٧) تفسير روح البيان ١ : ٢٩١.