ثمّ أنّه تعالى بعد نهي النّاس عن أكل أموال أنفسهم في أيام شهر رمضان ، نهى عن أكل أموال الغير على خلاف حكمه وبغير الوجه الذي شرّعه في جميع الأوقات ، بقوله : ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ﴾ أي لا يتصرّف بعضكم في أملاك بعض آخر ، ولا تتعاملوا ﴿بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ﴾ وبالوجه الذي يكون منهيّا ومحرّما ، كأكلها بشهادة الزّور ، أو اليمين الكاذبة ، أو بالصّلح ، مع العلم بعدم الحقّ أو غير ذلك من الوجوه غير الجائزة.
قيل : نزلت في رجلين تخاصما في أرض بينهما ، فأراد أحدهما أن يحلف على أرض أخيه بالكذب ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « إنّما أنا بشر يوحى إليّ وأنتم تختصمون إليّ ، ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له شيئا من حقّ أخيه ، فإنّما أقضي له قطعة من نار » فبكيا ، وقال كلّ واحد منهما : أنا احلّ لصاحبي. فقال : « اذهبا فتوخّيا ثمّ استهما ، ثمّ ليحلّل كلّ واحد منكما صاحبه » (١) .
عن الصادق عليهالسلام : « كانت قريش تقامر الرجل في أهله وماله ، فنهاهم الله » (٢) .
وعن ( المجمع ) عن الباقر عليهالسلام : « يعني بالباطل اليمين الكاذبة ، يقتطع بها الأموال » (٣) .
وعن ( الفقيه ) و( العياشي ) : عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل : الرّجل منّا يكون عنده الشيء يتبلّغ به ، وعليه الدين ، أيطعمه عياله حتّى يأتيه الله بميسرة فيقضي دينه ، أو يستقرض على ظهره في خبث الزّمان وشدّة المكاسب ، أو يقبل الصّدقة ؟
فقال : « يقضي بما عنده دينه ، ولا يأكل أموال النّاس الّا وعنده ما يؤدّي إليهم (٤) ، إنّ الله عزوجل يقول : ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ﴾(٥) - إلى أن قال - : ولا يستقرض على ظهره [ إلّا وعنده ] وفاء » (٦) الخبر.
في جواز الاستقراض مع عدم القدرة على الوفاء
ولعلّه لهذه الرواية ذهب أبو الصّلاح إلى حرمة الاقتراض على من لا يكون عنده ما يقتضيه ولا يقدر لو طولب على القضاء (٧) .
__________________
(١) تفسير أبي السعود ١ : ٢٠٢ ، تفسير روح البيان ١ : ٣٠٢.
(٢) تفسير العياشي ١ : ١٩١ / ٣١٠ ، مجمع البيان ٢ : ٥٠٦.
(٣) مجمع البيان ٢ : ٥٠٦.
(٤) زاد في تفسير العياشي : حقوقهم.
(٥) تفسير العياشي ١ : ١٩٢ / ٣١٣ ، من لا يحضره الفقيه ٣ : ١١٢ / ٤٧٦.
(٦) الكافي ٥ : ٩٥ / ٢.
(٧) الكافي في الفقه : ٣٣٠.