في اقتراحهم مجيىء الأملاك جاهلون ﴿وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ أي هل ينظرون [ إلّا ] مجيء الملائكة ، فإذا جاءوا وكان ذلك ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ﴾ بهلاكهم » الخبر (١) .
وأمّا ما عن القمي رحمهالله : عن الباقر عليهالسلام قال : « إنّ الله إذا بدا له أن يبيّن خلقه ويجمعهم لما لا بدّ منه ، أمر مناديا ينادي فاجتمع الجنّ والإنس في أسرع من طرفة عين ، ثمّ أذن لسماء الدنيا فتنزل فكان من وراء النّاس ، وأذن للسماء الثانية فتنزل ، وهي ضعف التي تليها ، فإذا رآها أهل السماء الدنيا ، قالوا : جاء ربّنا ؟ قالوا : لا ، وهو آت - يعني أمره - حتّى تنزل كلّ سماء ، تكون كلّ واحدة منها من وراء الاخرى ، وهي ضعف التي تليها.
ثمّ ينزل أمر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى ربك ترجع الامور. ثمّ يأمر [ الله ] مناديا ينادي ﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ﴾(٢) فلا ظهور له في تفسير الآية ، بل هو بيان بعض أهوال يوم القيامة ، وإن عبر عن بعضها بعبارة الآية.
وأمّا ما عن العيّاشي رحمهالله : عنه عليهالسلام في هذه الآية ، قال : « ينزل في سبع قباب من نور ، لا يعلم في أيّها هو حين ينزل في ظهر الكوفة ، فهذا حين ينزل » (٣) . فهو تأويل للآية ، كالرّواية الاخرى ، عنه عليهالسلام قال : « كأنّي بقائم أهل بيتي قد علا نجفكم ، فإذا علا فوق نجفكم نشر راية رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا نشرها انحطّت عليه ملائكة بدر » (٤) .
وقال : « إنّه نازل في قباب من نور حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق ، فهذا حين ينزل ، وأمّا ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ﴾ فهو الوسم على الخرطوم يوم يوسم الكافر » (٥) فتأويل.
ويمكن أن يكون المعنى : هل ينتظر هؤلاء الكفرة في تأخيرهم الايمان مجيء وقت لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم يستعتبون ؟ وهذا الوقت إمّا وقت نزول عذاب الاستئصال بالغمام والملائكة ، كعذاب قوم شعيب ، أو وقت ظهور القائم المنتظر عليهالسلام ، ورفع التّوبة ، وهو القيامة الصّغرى ، أو يوم القيامة الكبرى.
__________________
(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٢٩ / ٣٦٧.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٧٧ ، والآية من سورة الرحمن : ٥٥ / ٣٣.
(٣) تفسير العيّاشي ١ : ٢١٤ / ٤٠٥.
(٤) تفسير العيّاشي ١ : ٢١٤ / ٤٠٦.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٢١٥ / ٤٠٧.