معاني اليمين : القوّة ، والحالف يتقوّى بحلفه على العمل بما حلف عليه (١) .
﴿وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ﴾ الله ويعاقبكم على حنث الحلف في الدّنيا بإيجاب الكفّارة ، وفي الآخرة على تقدير عدم التّكفير بالعذاب ﴿بِما كَسَبَتْ﴾ وانطوت عليه ﴿قُلُوبُكُمْ﴾ وضمائركم من الجدّ به واقترفت من الكذب فيه.
قيل : كسب القلب هو التعمّد ، وكسب اللّسان هو الخطأ فيه.
قيل : إنّ المؤاخذة في هذه الآية عقوبة الآخرة. وفي قوله : ﴿وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ﴾(٢) المؤاخذة بالكفّارة (٣) .
﴿وَاللهُ غَفُورٌ﴾ وستّار للذّنوب ، كثير الإغماض عن العقوبة ، فلا يؤاخذ على يمين اللّغو مع كونه ناشئا من عدم المبالاة والتّقصير في التّحفّظ ﴿حَلِيمٌ﴾ غير عجول بالعقوبة في مورد استحقاقها غير الصالح للعفو.
في بيان شرائط الإيلاء
ثمّ لمّا ذكر سبحانه القسمين لليمين ، ذكر حكم نوع خاصّ منه ، وهو حلف الزّوج على ترك وطء زوجته بقوله : ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ﴾ ويحلفون على التّباعد ﴿مِنْ نِسائِهِمْ﴾ بترك المجامعة ﴿تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ وانتظار انقضائها من زمان الحلف.
﴿فَإِنْ فاؤُ﴾ ورجعوا عن حلفهم بأن جامعوهنّ قبل انقضاء المدّة مع أداء الكفّارة ﴿فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ﴾ للمولى ، وستّار لمعصية حنثه اليمين وقصده الإضرار بالمرأة إذ الفيئ مع الكفّارة توبة له ﴿رَحِيمٌ﴾ بعباده.
﴿وَإِنْ عَزَمُوا﴾ وقصدوا ﴿الطَّلاقَ﴾ وطلّقوهنّ ﴿فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ﴾ لمقالهم في الطّلاق ولسائر المقالات التي لا يخلو الطّلاق منها عادة ﴿عَلِيمٌ﴾ بضمائرهم وأغراضهم ، وفيه تهديد ووعيد.
قال بعض الفقهاء : يستفاد من الآية وجوب مجامعة الزّوج زوجته في أربعة أشهر مرّة (٤) .
وفيه : أنّ الاستفادة موقوفة على تقدير المدّة من زمان الجماع لا من زمان الحلف ، أو الرّفع إلى السّلطان ، وهو خلاف ظاهر الآية والرّوايات.
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٣٥٠.
(٢) المائدة : ٥ / ٨٩.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٣٥٠.
(٤) كنز العرفان ٢ : ٢٩٣.