مراجعته ، وجهي من وجهك حرام إن راجعته. فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله معقل بن يسار وتلا عليه هذه الآية ، فقال [ معقل ] : رغم أنفي لأمر ربّي ، اللهمّ رضيت وسلّمت لأمرك. وأنكح اخته زوجها (١) .
وروي أنّ جابر بن عبد الله كانت له بنت عمّ ، فطلّقها زوجها وأراد رجعتها بعد العدّة ، فأبى جابر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وكان جابر يقول : فيّ نزلت هذه الآية (٢) .
ويحتمل أن يكون المراد من التّراضي بالمعروف ، هو التراضي بما فيه الصّلاح ، فإذا تراضوا على شروط يكون للمرأة فيها فساد ، فليس منع الوليّ عن التزويج منهيّا.
﴿ذلِكَ﴾ النّهي ممّا ﴿يُوعَظُ﴾ ويرتدع ﴿بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ فإنّ من كان من أهل الإيمان ينتفع وينتهي به ، وفيه تهديد مؤكّد للنّهي.
ثمّ أتبعه بالتّرغيب على الطّاعة بقوله : ﴿ذلِكُمْ﴾ العمل بحكم الله ﴿أَزْكى لَكُمْ﴾ وآثر في تهذيب نفوسكم من الأخلاق الرّذيلة ﴿وَأَطْهَرُ﴾ لقلوبكم من أدناس الآثام ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ﴾ ما به تزكية نفوسكم وتطهير قلوبكم ﴿وَأَنْتُمْ﴾ لقصور عقولكم ﴿لا تَعْلَمُونَ﴾ ولا تدركون نتائج الأعمال ومقتضيات الأفعال.
﴿وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى
الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ
والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ
تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا
جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان جملة من أحكام الطّلاق ، بيّن بعض أحكام الأولاد ، لمناسبة أنّه قد يقع التّشاجر بين الزّوج والزّوجة فيهم ، فإنّه قد يريد الزّوج أن يأخذ الولد من الزّوجة ، أو يريد أن يرضعه مجّانا وبلا اجرة ، وقد تريد الزّوجة الاستنكاف عن إرضاع الولد بغضا لزوجها ، أو تريد إلزام الزّوج
__________________
(١) تفسير الرازي ٦ : ١١١.
(٢) تفسير الرازي ٦ : ١١١.