وعنه عليهالسلام ، أنّه سئل عنه فقال : « لا ينبغي للوارث أن يضارّ المرأة ، فيقول : لا أدّع ولدها يأتيها ، ويضارّ ولدها ، إن كان لهم عنده شيء ، فلا ينبغي [ له ] أن يقتّر عليه » (١) . ويحتمل أن يراد من الوارث وارث الرّضيع من رحمه الذي تجب عليه نفقته.
﴿فَإِنْ أَرادا فِصالاً﴾ وفطاما عن الرضاع ، قبل الحولين - كما روي عن الصادق عليهالسلام (٢) - صادرا ﴿عَنْ تَراضٍ﴾ مبنيّ على صلاح الولد ، كائن ﴿مِنْهُما﴾ لا من أحدهما ، ﴿وَتَشاوُرٍ﴾ كامل من كلّ مع الآخر ؛ لأنّ الأب وليّ والأمّ شفيقة ، أو تشاورهما مع أهل التّجارب ، واستجماع الآراء على صلاح فطام الولد ، وعدم تضرّره به ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما﴾ في الفطام ، فإنّه قد يتّفق أن تملّ الأمّ من الرّضاع ، والأب من إعطاء الأجر ، فيتوافقان على الفطام ، مع كونه ضررا على الولد ، ولكن قلّما يتّفق هذا لرأفتهما على الولد ، سيّما مع المشاورة مع أرباب التّجارب ، فينسدّ باب احتمال الضّرر على الولد.
قيل : يفهم من هذه الشّرائط أنّ رعاية الله تعالى للضعفاء أكثر ، وعنايته بهم أشدّ ، ورحمته عليهم أوفر.
ثمّ أنّه تعالى لمّا أمر الوالدات أن يرضعن أولادهنّ ، أوهم أنّه لا يجوز استرضاع غيرهنّ مطلقا ، حتى مع رضا الامّ ، أو تعذّره عليها ، لانقطاع اللّبن وأمثاله ، فأزال التّوهم بقوله : ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ﴾ أيّها الآباء ﴿أَنْ تَسْتَرْضِعُوا﴾ المراضع ﴿أَوْلادَكُمْ﴾ وتستأجروا لإرضاعهم عند سقوط حقّ أولويّة الام ﴿فَلا جُناحَ﴾ ولا إثم ﴿عَلَيْكُمْ﴾ في استرضاع غير الأمّ ﴿إِذا سَلَّمْتُمْ﴾ إلى المرضعة ﴿ما آتَيْتُمْ﴾ وأعطيتم للوالدات ، أو ما ألزمتم وشرطتم إعطاءه للمرضعات مقرونا ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ والوجه المتعارف المستحسن شرعا.
وليس التسليم هنا شرطا لجواز الاسترضاع ، بل الغرض من التعليق التنبيه على أنّ المرضعة ينبغي أن تكون طيّبة النّفس حتى تقبل الطّفل بقلبها وتراعي مصلحته حقّ المراعاة.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « انظروا من ترضع أولادكم ، فإنّ الولد يشبّ عليه » (٣) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لا تسترضعوا الحمقاء والعمشاء (٤) ، فإنّ اللّبن يعدي » (٥) .
ثمّ حثّ سبحانه على العمل بما شرع في أمر الأطفال والمراضع بقوله : ﴿وَاتَّقُوا اللهَ﴾ واحذروا
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٢٣٧ / ٤٨٧.
(٢) مجمع البيان ٢ : ٥٨٨.
(٣) الكافي ٦ : ٤٤ / ١٠.
(٤) العمشاء : هي الضعيفة البصر.
(٥) عيون أخبار الرضا ٢ : ٣٤ / ٦٧.