التّكسّب ، إلزام بما هو خارج عن وسعها.
وكذا إلزام الأب على الإنفاق ، فوق حدّ المعروف ، إلزام بما هو خارج عن وسعه ، ولعلّه للإشارة إلى ذلك قال : ﴿لا تُضَارَّ والِدَةٌ﴾ والدا ﴿بِوَلَدِها﴾ بأن تطلب منه ما ليس بعهد من الرّزق والكسوة ، أو تمنع زوجها من نفسها مخافة الحمل ﴿وَلا مَوْلُودٌ لَهُ﴾ والدة بولده بأن يأخذ الولد منها ، أو يمنعها شيئا من حقّها ﴿بِوَلَدِهِ﴾
وقيل : إنّ المعنى أنّه لا يجوز أن يغيظ أحدهما صاحبه بسبب الولد ، مثل أن ينزع الأب الولد من امّه مع رغبتها في إمساكه ، أو يضيّق عليها في الرّزق والكسوة ، أو تطلب منه المواقعة ويتمنّع عليها ، وإضرار الأمّ على الأب مثل أن تمتنع من إرضاعه غيظا على الأب وتلقيه إليه ، او تطلب منه فوق العدل والمعروف ، أو تمتنع من التمكين للزّوج.
عن ( الكافي ) : عن الصادق عليهالسلام ، سئل عن هذه الآية ، فقال : « كانت المراضع تدفع إحداهنّ الرّجل إذا أراد الجماع ، تقول : لا أدعك إنّي أخاف أن أحبل ، فأقتل ولدي هذا الذي ارضعه. وكان الرّجل تدعوه المرأة ، فيقول : أخاف أن اجامعك فأقتل ولدي ، فيدعها فلا يجامعها. فنهى الله تعالى عن ذلك أن يضارّ الرّجل المرأة ، والمرأة الرجل » (١) .
وعنه عليهالسلام : « إذا طلّق الرّجل امرأته وهي حبلى ، أنفق عليها حتى تضع حملها ، فإذا أرضعته أعطاها أجرها ولا يضارّها ، إلّا أن يجد من هو أرخص أجرا منها ، فإن رضيت بذلك الأجر فهي أحقّ بابنها ، حتى تفطمه » (٢) الخبر.
ثمّ بيّن الحكم بعد موت الأب بقوله : ﴿وَعَلَى الْوارِثِ﴾ من الوالد ، يجب ﴿مِثْلُ ذلِكَ﴾ الرّزق والكسوة الواجبين على الأب من نصيب الولد من تركة أبيه.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قضى في رجل توفّي وترك صبيّا ، واسترضع له : « أنّ أجر رضاع الصّبيّ ممّا يرث من أبيه وامّه » (٣) .
وعن ( الكافي ) : عن الصادق عليهالسلام ، في قوله تعالى : ﴿وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ﴾ « أنّه نهى أن يضارّ بالصّبيّ ، أو تضارّ امّه في رضاعه. وليس لها أن تأخذ في رضاعة فوق حولين كاملين » (٤) .
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤١ / ٦.
(٢) الكافي ٦ : ١٠٣ / ٢.
(٣) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٠٩ / ١٤٨٧.
(٤) الكافي ٦ : ١٠٣ / ٣.