أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾ ونسختها آية الميراث » (١) .
وروي بطريق عامّي : أنّ رجلا من أهل الطائف يقال له حكيم بن الحارث هاجر إلى المدينة وله أولاد ، ومعه أبواه وامرأته ومات ، فأنزل الله هذه الآية ، فاعطى النبيّ صلىاللهعليهوآله والدية وأولاده من ميراثه ، ولم يعط امرأته شيئا ، وأمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها حولا.
وكانت عدّة الوفاة في بدو الإسلام حولا ، وكان يحرم على الوارث إخراجها من البيت قبل تمام الحول ، وكانت نفقتها وسكناها واجبة من مال زوجها ما لم تخرج ولم يكن لها ميراث ، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها ، وكان على الرّجل أن يوصي بها ، فكان كذلك حتّى نزلت الآية (٢) فنسخ الله تعالى نفقة الحول بالرّبع عند عدم الولد ، والثّمن مع الولد (٣) .
﴿وَاللهُ عَزِيزٌ﴾ وغالب على خلقه ، قادر على الانتقام ممّن خالفه ﴿حَكِيمٌ﴾ يراعي مصالح العباد في أحكامه وشرائعه.
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان متاع المتوفّى عنها زوجها - وإن كان منسوخا - بيّن متاع المطلّقة بقوله : ﴿وَلِلْمُطَلَّقاتِ﴾ البائنات ، أو مطلقا ولو كنّ رجعيّات ﴿مَتاعٌ﴾ وتمتّع ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ عند الشّرع ، والعادة. وهذا التّمتيع يحقّ ﴿حَقًّا﴾ ويثبت ثبوتا ﴿عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ فإنّ من لوازم التّقوى التّبرّع بالمتعة تطييبا لقلبها وإزالة لضعفها.
في استحباب امتاع المطلّقات مطلقا
عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في رجل يطلّق امرأته أيمتّعها ؟ قال : « نعم ، أما يحبّ أن يكون من المحسنين ، أما يحبّ أن يكون من المتّقين » (٤) .
عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في الرّجل يطلّق امرأته قبل أن يدخل بها ، قال : « عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا ، وإن لم يكن فرض لها شيئا فليمتّعها على نحو ما يمتّع به مثلها من النّساء » (٥) الخبر ، وهذا محمول على إرادة مثلها باعتبار حال الزّوج.
عن الطبرسي ، في قوله تعالى : ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾(٦) قال : « إنّما
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٢٤٧ / ٥٢٩ ، مجمع البيان ٢ : ٦٠٢ ، تفسير الصافي ١ : ٢٤٨.
(٢) في تفسير روح البيان : نزلت آية الميراث.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٣٧٥ ، وفيه : الولد وولد الابن والثّمن عند وجودهما.
(٤) تفسير العياشي ١ : ٢٤٠ / ٤٩٩ ، الكافي ٦ : ١٠٤ / ١.
(٥) الكافي ٦ : ١٠٦ / ٣.
(٦) البقرة : ٢ / ٢٣٦.