﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾ ويعرض عن كلّ معبود غير الله ، وكل مطغ عن طاعة الله من الشّياطين والأصنام ومردة الجنّ والإنس وأئمّة الضّلال.
وعن القمّي : هم الذين غصبوا آل محمّد حقّهم (١) .
﴿وَيُؤْمِنْ بِاللهِ﴾ إيمانا خالصا صادقا. ومن العلوم أنّ الإيمان الحقيقي به سبحانه مستلزم للإيمان بكتبه ورسله وحججه وأحكامه ، والعمل بها ، وفي تقديم الكفر بالطّاغوت على الإيمان بالله إشعار بتقدّم التّخليه على التّحلية والتبرّي على التولّي ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ﴾ وبالغ في الأخذ ﴿بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى﴾ والحلقة الوكيدة التي ﴿لَا انْفِصامَ﴾ ولا انقطاع ﴿لَها﴾ أبدا.
وكما أنّ المتمسّك بالحلقة الوكيدة ، والحبل المحكم مأمون من التّردّي في البئر ، أو الغرق في البحر ، كذلك الملازم للعقائد الحقّة من التّوحيد والرّسالة والولاية مأمون من التّردّي في جبّ الهوى وبحر الفتن ، وأمواج الشّهوات في الدّنيا ، وفي نار جهنّم في الآخرة.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من أحبّ أن يستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، فليتمسّك بولاية أخي ووصيّي عليّ بن أبي طالب ، فإنّه لا يهلك من أحبّه [ وتولّاه ] ، ولا ينجو من أبغضه وعاداه » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام : « هي مودّتنا أهل البيت » (٣) .
ثمّ وعد الله المؤمنين وأوعد الكافرين بقوله : ﴿وَاللهُ سَمِيعٌ﴾ لمقال المؤمن والكافر من إظهار الإيمان والكفر ﴿عَلِيمٌ﴾ بما في ضمائرهم وقلوبهم من العقائد الحقّة والباطلة ، والنّيّات الحسنة والسّيّئة ، ومن حبّ الله وبغضه ، وولاية رسوله وأوليائه ومعاداتهم ، فيجزي كلّا على وفق قوله وعقد قلبه وعمله. وفيه غاية التّرغيب إلى الإيمان والطّاعة ، والتّرهيب من الكفر والمعصية.
وعن ابن عبّاس رضى الله عنه ، قال في تفسيره : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحبّ إسلام أهل الكتاب من اليهود الّذين كانوا حول المدينة ، وكان يسأل الله ذلك سرّا وعلانية. فمعنى قوله : ﴿وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ يريد : لدعائك يا محمّد بحرصك عليه واجتهادك (٤) .
﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٨٤ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦١.
(٢) معاني الأخبار : ٣٦٨ / ١ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٢.
(٣) مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٣ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٢.
(٤) تفسير الرازي ٧ : ١٧.