بعضها بعضا » (١) .
﴿ثُمَ﴾ غبّ (٢) اختلاطهنّ ﴿اجْعَلْ﴾ وضع ﴿عَلى كُلِّ جَبَلٍ﴾ من الجبال التي حولك - عن الصادق عليهالسلام : « أنّها عشرة » (٣) . وقيل : كانت سبعة ، وقيل : أربعة (٤) - ﴿مِنْهُنَّ جُزْءاً﴾ من الأجزاء المختلطة ﴿ثُمَّ ادْعُهُنَ﴾ بأسمائهنّ إليك ، وقل لهنّ : تعالين بإذن الله ، فإذا دعوتهنّ ﴿يَأْتِينَكَ﴾ ويسعين إليك ﴿سَعْياً﴾ سريعا طيرانا ، أو مشيا.
عن الرضا عليهالسلام : « جعل مناقيرهنّ بين أصابعه ، ثمّ دعاهنّ باسمائهنّ ، ووضع عنده حبّا وماء ، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتّى استوت الأبدان ، وجاء كلّ بدن حتى انضمّ إلى رقبته ورأسه ، فخلّى إبراهيم عن مناقيرهنّ فطرن ، ثمّ جئن وشربن من ذلك الماء ، والتقطن من ذلك الحبّ وقلن : يا نبيّ الله أحييتنا أحياك الله ، فقال إبراهيم عليهالسلام : بل الله يحيي ويميت ، وهو على كلّ شيء قدير » (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام ، - في حديث ذكر فيه أخذ إبراهيم الطّيور الأربعة ، وخلط أجزائهنّ ، وجعلها على عشرة أجبل - قال : « هذا تفسيره في الظّاهر ، وتفسيره في الباطن : خذ أربعة ممّن يحتمل الكلام فاستودعهم علمك ، ثمّ ابعثهم في أطراف الأرضين حججا (٦) ، وإذا أردت أن يأتوك دعوتهم بالاسم الأكبر يأتونك سعيا بإذن الله » الخبر (٧) ، هذا أحد بطون الآية.
وقيل : إنّ منها أنّ إبراهيم عليهالسلام سأل من الله حياة قلبه ؛ فأشار إليه بذبح الطّيور : الطّاووس كناية عن الزّينة ، والغراب عن الأمل ، والدّيك عن الشّهوة ، والبطّ عن الحرص. فأشار إلى أنّه ما لم يذبح نفسه بالمجاهدة ، ولم يقلع هذه الرّذائل عن النّفس ، لم يحي قلبه بالمشاهدة (٨) .
﴿وَاعْلَمْ﴾ بالشّهود بعد البرهان ﴿أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ غالب على أمره ، قادر على إنفاذ إرادته ﴿حَكِيمٌ﴾ في أفعاله ، لا يصدر عنه من العاديّات وخوارقها إلّا ما فيه الصّلاح التّام.
﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ
__________________
(١) الكافي ٨ : ٣٠٥ / ٤٧٣ ، تفسير الصافي ١ : ٢٧٠.
(٢) أي بعد.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٢٦٥ / ٥٧٤.
(٤) تفسير الرازي ٧ : ٤٢ ، تفسير أبي السعود ١ : ٢٥٧.
(٥) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٩٨ / ١ ، تفسير الصافي ١ : ٢٧١.
(٦) زاد في الخصال : لك على النّاس.
(٧) الخصال : ٢٦٥ / ١٤٦ ، تفسير الصافي : ٢٧١.
(٨) تفسير روح البيان ١ : ٤١٦.