والعقائد الباطلة ، أو مع النّيات السّيّئة بالنسبة إلى غير المؤمن.
وعلى هذا يكون قوله تعالى : ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ﴾ وعدا بالمغفرة لمن تاب وآمن ، فلا يواخذ بنيّته المعاصي الجوارحيّة ، ما لم يقترفها ، وقوله : ﴿وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ﴾ تعذيبه ، وعيدا لمن مات على الكفر والعقائد الباطلة.
في الاستدلال على العفو عن النيات السيئة المجرّدة عن العمل
وممّا يدلّ على العفو عن نيّات السوء ، وعدم المحاسبة بها ، قوله صلىاللهعليهوآله في الرّواية السابقة : « إنّ الله تجاوز عن امّتي ما حدّثوا به أنفسهم ، ما لم يعملوا ، أو يتكلّموا به » (١) .
فإنّه نصّ صريح في عموم العفو للنيّات والارادات المجرّدة عن العمل.
ورواية ابن عبّاس : أنّ الله تعالى إذا جمع الخلائق يخبرهم بما كان في نفوسهم ، فالمؤمن يخبره ثمّ يعفو عنه ، وأهل الذّنوب يخبرهم بما أخفوا من التّكذيب والذنب (٢) .
وأمّا ما عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، في ( نهج البلاغة ) من قوله : « وبما في الصّدور تجازى العباد » (٣) .
فالظّاهر أنّ المراد أنّ العباد بنيّاتهم يجازون على أعمالهم ، فمساقه مساق قوله صلىاللهعليهوآله : « الأعمال بالنّيّات » (٤) .
وتوضيح المرام أنّ حسن الأعمال والعبادات وقبحها ، دائران مدار القصد والنّيّة ، لوضوح أنّ ضرب اليتيم بقصد التأديب حسن ، وبقصد الإيذاء قبيح ، وكذا الكذب بقصد الإصلاح حسن ، وبغيره قبيح ، والعبادات بقصد الإخلاص تكون حسنا ، وبقصد الرّياء والسّمعة تكون شركا وقبيحا.
فظهر أنّ حسن الأعمال وقبحها بحسب النّيّات التي في الصّدور ، فالاعتراض على الإمامية - تمسّكا بإطلاق الآية المباركة - ناشئ عن عدم فهم السّنّة وعدم التمسّك بالثّقلين اللذين [ هما ] كلّ مبيّن للآخر.
ثمّ قرّر سبحانه تعالى سعة قدرته وأكّدها بقوله : ﴿وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من المحاسبة ، والتّعذيب ، والمغفرة ، وغيرها ممّا يكون في حيّز الإمكان ﴿قَدِيرٌ﴾ ولا قصور في قدرته ، ولا مانع عن نفوذ إرادته.
روى الطّبرسي رحمهالله في ( الاحتجاج ) ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، في ضمن بيان قصّة المعراج : « فكان
__________________
(١) تفسير الرازي ٧ : ١٢٥.
(٢) تفسير الرازي ٧ : ١٢٦.
(٣) نهج البلاغة : ١٠٣ / الخطبة ٧٥ ، تفسير الصافي ١ : ٢٨٦.
(٤) التهذيب ١ : ٨٣ / ٢١٨.