وقد ذكروا في اشتقاقه ، ووجه مناسبته وجوها ، والأظهر الأشهر أن يكون القرآن مهموزا ، من القرء بمعنى الجمع ، ومنه : قرأت الماء في الحوض : أي جمعته ، وعلى هذا يكون وجه مناسبة التّسمية كونه جامعا لثمرات جميع الكتب السالفة المنزلة (١) .
قالوا : إنّ الله جمع جميع الكتب السّماويّة في التوراة والإنجيل ، وجمع جميع ما في التوراة والانجيل في القرآن (٢) .
ويشهد له ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « أعطيت السور الطوال مكان التوراة ، وأعطيت المئين مكان الإنجيل ، وأعطيت المثاني مكان الزّبور ، وفضّلت بالمفصّل ثمان وستون (٣) سورة » (٤) .
والأوفى والأنسب كونه جامعا لجميع أنواع العلوم كلّها ، كما قال الله تعالى : ﴿وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾(٥) ، وقال تعالى : ﴿ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ﴾(٦) .
وعنه عليهالسلام : « من فهم القرآن فسّر [ به ] جمل العلم » (٧) .
وقال عليهالسلام في وصف القرآن : « ظاهره حكم ، وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له تخوم (٨) ، وعلى تخومه تخوم ، لا تحصى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار (٩) الحكمة » (١٠) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : « [ قد ] ولدني رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا أعلم كتاب الله ، وفيه بدء الخلق ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وفيه خبر السماء وخبر الأرض ، وخبر الجنّة والنّار ، وخبر ما كان وما هو كائن ، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفّي ، إنّ الله تعالى يقول : فيه تبيان كلّ شيء » (١١).
وعن ابن عباس ، قال : لو ضلّ منّا عقال كنّا نجده بالقرآن (١٢) ، إلى غير ذلك من الأخبار.
__________________
(١) الاتقان في علوم القرآن ١ : ١٨٢.
(٢) نحوه في الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٨.
(٣) في تفسير العياشي : سبع وستين.
(٤) الكافي ٢ : ٤٣٩ / ١٠ ، تفسير العياشي ١ : ١٠٧ / ١٠٢.
(٥) النحل : ١٦ / ٨٩.
(٦) الأنعام : ٦ / ٣٨.
(٧) إحياء علوم الدين ١ : ٣٤٢.
(٨) التخم : منتهى كلّ قرية أو أرض ، يقال : فلان على تخم من الأرض ، والجمع تخوم ، مثل : فلس وفلوس.
(٩) في العياشي : ومنازل.
(١٠) تفسير العياشي ١ : ٧٤ / ١.
(١١) الكافي ١ : ٥٠ / ٨. والآية من سورة النحل : ١٦ / ٨٩.
(١٢) نحوه في الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٣٠ - ٣١.