الوحي وكلام الملائكة ، لا من إلقاء الشّيطان.
وقيل : إنّ المراد : اجعل لي علامة تدلّ على تحقّق مسؤولي ، ووقوع الحبل والعلوق ؛ لأنّه أمر خفيّ ، حتّى أتلقّى تلك النّعمة الجليلة بالشّكر من حين حصولها (١) .
وقيل : إنّ سؤال الآية كان بعد البشارة بثلاثة أشهر. وقيل : بثلاث سنين. وهذا الاختلاف مبنيّ على الاختلاف في التّفاوت بين سنّ يحيى وعيسى أنّه ستّة أشهر أو ثلاث سنين.
ثمّ عقيب سؤال الآية بلا فصل ﴿قالَ﴾ الله تعالى ، أو الملك : ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ﴾ ولا تقدر على النّطق بغير الذّكر والتّسبيح والشّكر ﴿ثَلاثَةَ أَيَّامٍ﴾ متواليات بلياليها ﴿إِلَّا رَمْزاً﴾ وإشارة بيد ، أو رأس ، أو غيرهما.
قيل : إنّما جعل عجزه عن الكلام الدّنيوي آية ليخلص أوقاته بالذّكر والشّكر قضاء لحقّ هذه النّعمة العظيمة (٢) .
عن العيّاشي : عن الصادق عليهالسلام : « أنّ زكريّا لمّا دعا ربّه أن يهب له ولدا (٣) ونادته الملائكة بما نادته به ، أحبّ أن يعلم أنّ ذلك الصّوت من الله ، فأوحى إليه أنّ آية ذلك أنّ يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيّام ، فلمّا أمسك لسانه ولم يتكلّم ، علم أنّه لا يقدر على ذلك إلّا الله » (٤) .
عن العيّاشي : عن أحدهما عليهماالسلام : « أنّه كان يؤمئ برأسه » (٥) .
وقيل : إنّ المراد من التّكلّم : كلّ ما أدّى المراد ولو كان غير اللّفظ ، وعلى هذا يكون الاستثناء متّصلا.
وقيل : إنّه عليهالسلام عوقب بذلك من حيث سؤال الآية بعد بشارة الملائكة ، فأخذ الله لسانه ، وصيّره بحيث لا يقدر على الكلام (٦) .
﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ﴾ في حبس لسانك ذكرا ﴿كَثِيراً﴾ أداء لشكر النّعمة ﴿وَسَبِّحْ﴾ ربّك ﴿بِالْعَشِيِ﴾ وهو من الزّوال إلى الغروب ﴿وَالْإِبْكارِ﴾ وهو من طلوع الفجر إلى الضّحى. وقيل : إنّ المراد بالتّسبيح هو الصّلاة (٧) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٢ : ٣١.
(٢) تفسير روح البيان ٢ : ٣١.
(٣) في المصدر : ذكرا.
(٤) تفسير العياشي ١ : ٣٠٥ / ٦٨٣ ، تفسير الصافي ١ : ٣١١.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٣٠٥ / ٦٨٤ ، تفسير الصافي ١ : ٣١١.
(٦) تفسير الرازي ٨ : ٤١.
(٧) تفسير الرازي ٨ : ٤٢ ، تفسير أبي السعود ٢ : ٣٤.