وعن يحيى بن أبي عمران ، قال : كتبت إلى أبي جعفر عليهالسلام : جعلت فداك ، ما تقول في رجل ابتدأ ب ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ في صلاته وحده في أمّ الكتاب ، فلمّا صار إلى غير أمّ الكتاب من السورة تركها ، فقال العباسي : ليس بذلك بأس ؟ فكتب بخطّه : « يعيدها مرّتين على رغم أنفه » يعني العباسي (١) . والظاهر أنّ إيجاب الإعادة لعدم تماميّة السورة ، لا لكون البسملة واجبا مستقلا.
ومن طرق العامّة ، ما روي عن ابن عبّاس قال : كان النبيّ صلىاللهعليهوآله لا يعرف فصل السورة حتّى تنزل عليه ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ .
وزاد البزّاز : فإذا أنزلت ، عرف أنّ السورة [ قد ] ختمت ، واستقبلت ، أو ابتدئت سورة أخرى (٢) .
وعن ابن عبّاس ، قال : كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتّى تنزل ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ ، فإذا انزلت علموا أنّ السورة قد انقضت (٣) .
وعنه أيضا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان إذا جاءه جبرئيل فقرأ : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ ، علم أنّها سورة (٤) .
وعن ابن عمر : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « كان إذا جاءني جبرئيل بالوحي ، أوّل ما يلقي عليّ : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) » (٥) .
وعنه أيضا ، قال : « نزلت ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ في كلّ سورة » (٦) .
وعن أنس ، قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم بين أظهرنا ، إذ أغفى إغفاءة ، ثمّ رفع رأسه متبسّما فقال : « أنزلت عليّ آنفا سورة ، فقرأ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ * ﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ﴾(٧) .
ولا يخفى أنّ على ما ذكرنا اتّفقت الإماميّة رضوان الله عليهم أجمعين ، وأمّا العامّة فقد اختلفوا على أقوال شتّى ، منهم من انكر كونها من القرآن ، وإليه أشار ابن عبّاس بقوله : استرق الشيطان من النّاس
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٢ ، الاستبصار ١ : ٣١١ / ١١٥٦ ، والمراد بأبي جعفر الجواد عليهالسلام ، والعباس هو هشام بن إبراهيم ، وكان يعارض الرضا والجواد عليهماالسلام ، وقوله « يعيدها مرّتين » يمكن أن يكون متعلّقا بكتب ، فيكون من تتمة كلام الراوي ، وقال الفيض : « يعيدها » يعني الصلاة أو البسملة ، والأول أظهر ، « مرتين » متعلق بقوله : « فكتب » لا بقوله : « يعيدها » إذ لا وجه لتكرار الإعادة.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٦٨.
(٣) مستدرك الحاكم ١ : ٢٣٢.
(٤) مستدرك الحاكم ١ : ٢٣١.
(٥) سنن الدارقطني ١ : ٣٠٥ / ١٣ ، الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٧٠.
(٦) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٧٠.
(٧) صحيح مسلم ١ : ٣٠٠ / ٥٣ ، الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٧٠ ، والآيتان من سورة الكوثر : ١٠٨ / ١.