وجه قريب ، ولو لا هذا لم يكن أحد من الجهّال معذوراً بعد أن علم أنّه مكلّف والحال أنّ الرواية تفيد خلاف ذلك.
وكلام بعض الأصحاب الذين رأينا كلامهم تارة يعطي عدم عذر الجاهل بالحكم الشرعي إذا علم الأصل ، كالمكان المغصوب إذا علم غصبه وجهل حكمه ، وتارةً يعطي ما يخالف هذا كما يعلمه من تتبّع كلامهم (١) ، والخبران اللذان ذكرناهما ربما يفيدان عذر الجاهل بنوع آخر.
والخبر المنقول عن الفقيه قد تكلّمنا فيه في موضعه من حيث دلالته (٢) على أنّ الآية إذا لم تفسّر له لا إعادة عليه ، والظاهر من هذا التركيب احتمالات : أحدها أنّ جاهل الحكم معذور كجاهل الأصل ، على أنّ يراد بالأصل أصل الوجوب ، والتفسير يراد به ما يلزم الوجوب من البطلان ، ولو لا خوف الخروج عمّا نحن بصدده لذكرت جميع الاحتمالات ، والمقصود هنا التنبيه على أنّ الأصحاب (٣) يقنعون في أمثال هذه المباحث بالقليل ويكتفون في المطالب المهمة اتّكالاً على قول بعض المتقدّمين بأيسر دليل ، والله سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.
إذا عرفت هذا كلّه فاعلم أنّ المحقّق في المعتبر صرّح فيما حكاه شيخنا ١ بأنّ من علم بالنجاسة وصلّى ذاكراً لها وجب عليه الإعادة في الوقت وخارجه ، قال المحقّق : وهو إجماع من جعل طهارة الثوب والبدن شرطاً (٤). وإطلاق كلام جماعة يقتضي عدم الفرق في العالم بالنجاسة بين
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٤٢ ٣٤٧.
(٢) في « فض » و « رض » : النسخ : دلالة.
(٣) في « فض » و « رض » زيادة : كثيراً ما.
(٤) حكاه عنه في المدارك ٢ : ٣٤٤ ، وهو في المعتبر ١ : ٤٤١.