فلا يدل على مطلوبه ، اللهم إلاّ أنّ يقال : إنّ ما تضمنه أوّل الخبر ملحوظ في ثانيه وهو اعتبار النسيان وعدم الماء ، وهذا وإن بَعُد إلاّ أنّ اعتبار النسيان لا بدّ منه في الخبر ، كما لا يخفى.
الثالث : مفاد الخبر أنّه لو ظنّ الإصابة ونظر فلم ير شيئاً ثم صلّى ورآى عدم الإعادة ؛ لأنّ الشك لا يرفع اليقين ، وهذا كما ترى يدل على عدم الاعتداد بالظنّ في النجاسة ، ولا ينافي ما قدّمناه ؛ لأنّا بيّنا أنّ مطلق الظن غير كافٍ (١).
وفي الخبر دلالة على أنّ عدم اعتبار الظن لسبق اليقين ، وهو لا ينفي الاعتداد به مع سبق ظنّ الطهارة على تقدير إقامة الدليل على ظنّ النجاسة ، كما لا يخفى.
غير أنّ في نظري القاصر إمكان أنّ يقال : إنّ اليقين السابق يصير ظنا الآن ؛ إذ مرجعه إلى الاستصحاب وهو ظني ، وإذا تعارض الظنان (٢) خفي الوجه في ترجيح الأوّل على الثاني وإطلاق اليقين على الأوّل في الرواية.
ويمكن أنّ يقال : إنّ اليقين وإنّ صار ظنا الآن ، إلاّ أنّ سبق اليقين لا ريب فيه ، والظنّ الآن للطهارة مع ظن النجاسة يصير شكّاً ، إذ هو مع تساوي الظنين ، وإذا صار شكاً لا يعارض اليقين السابق ، وهذا هو السرّ في الظاهر لقوله ٧ : « ثم شككت » ولو لا ما قلناه لم يكن الشك حاصلاً ، بل الظنّ.
فإن قلت : لو فرض أنّ ظن النجاسة أرجح من ظن البقاء على الطهارة ينبغي على ما ذكرت تقديمه على ظن الطهارة لأنّ الشك إنّما هو
__________________
(١) راجع ص ٨٨١ ٨٨٢.
(٢) في « د » : الظنيان.