النجاسة دل على مفارقتها (١).
وهذا الكلام ربما ينكر عليه بأنّ الطهارة مرجعها إلى حكم الشارع لا إلى زوال الأعيان ، كما اعترفا به في مواضع.
نعم ربما وجّه الوالد ١ الاستدلال في المسألة : بأنّ الدال على تنجيس البول ونحوه للأرض هو الإجماع ؛ لأنّ الأخبار خاصة بالثوب والبدن ونحوهما ، وإذا كان الإجماع هو الدليل فإذا انتفى الإجماع بعد تجفيف الشمس انتفت النجاسة (٢). وأطال ١ الكلام في هذا.
وفي نظري القاصر أنّ فيه بحثاً ، وقد ذكرته في محل آخر ، والحاصل : أنّ الإجماع لو انحصر الأمر فيه كما ذكره يقال : إنّ الإجماع أفاد حدوث النجاسة لا استمرارها ، بل الاستمرار حصل من عدم حكم الشارع بالمطهّر ، فزوال الإجماع لا يفيد الطهارة بل يفيد زوال الحدوث ، ولا ريب أنّ الحدوث إذا انتفت علّته انتفى معلولها ، وهو الحدوث ، لا مطلق النجاسة.
فإن قلت : الحدوث اعتباري والعلّة لا تؤثّر فيه ، كما صرّح به الشارح الجديد للتجريد ، حيث قال في الأصل سلطان المحققين : والحدوث اعتباري. فقال في الشرح : لا تأثير للفاعل فيه ، بل إنما يؤثّر الفاعل في الماهية (٣).
قلت : مرادنا بالحدوث وجود أصل التنجيس ، أمّا استمراره فله علّة أُخرى.
__________________
(١) المعتبر ١ : ٤٤٦.
(٢) معالم الفقه : ٣٩٧.
(٣) شرح التجريد للقوشجي : ٣٤٥.