وما عساه يقال : إنّ زوال أصل التنجيس لا معنى له ، فإن النجاسة كما أنّها باقية أصل وجودها كذلك.
يمكن الجواب عنه بجواز أنّ يقال : إنّ وجود التنجيس مختلف باختلاف العلل وإنّ توافق الحكم ، غاية الأمر أنّ بقاء النجاسة لا بُدّ له من علّة كما هو شأن الممكن ، والمستفاد من قواعد الأصحاب أنّ الطهارة لا بُدّ لها من علّة ، وبدونها فأصالة بقاء النجاسة هي العلّة اصطلاحاً ، وقد يعبّر عنها بالعدم ، فيقال : إنّ الطهارة موقوفة على الدليل ، وبدونه فالنجاسة باقية ، وعلى هذا لا يتوجه في المقام أنّ العدم لا يصلح علّة.
ويمكن أنّ يقال في نظير المسألة : قولهم لا بُدّ في شهادة الشاهدين من القطع ، مع أنّ الشاهدين على الماضي لا يحصل لهم القطع لاحقاً ، لكن الشارع حكم بالبقاء ما لم يعلم المسقط ، فعدم العلم بالمسقط علّة الحكم بالبقاء.
ولو نوقش في هذا أمكن أنّ يقال : إنّ النجاسة تثبت بوجود الأعيان على الإطلاق ما لم يحصل من الشارع المزيل ، ولم يعلم المزيل ، فالاستمرار ( حصل من ذلك.
فإن قلت : إذا كان الإجماع هو العلّة فالتقييد بوجود الأعيان حاصل ، فأين الإطلاق؟
قلت : الإجماع ليس على النجاسة مع وجود الأعيان ، ألا ترى أنّ بعض القائل بالنجاسة قائل بالاستمرار ) (١) وإنّ ذهبت الأعيان.
( إلاّ أنّ يقال : إنّ هذا القائل يقول بوجود الأعيان (٢) ، ) وإنّ زاد على
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».
(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».