فتأمّل.
نعم الأولى أنّ يقال : إنّ ظاهرها وإنّ أفاد الوجوب إلاّ أنّ الأخبار المظنون انتفاء الوضوء منها يدل على أنّ المراد من الخبر استحباب الوضوء ، لكن لا يخفى أنّ هذا يضرّ بحال الاستدلال بالخبر على وجوب الوضوء في الأغسال غير الجنابة.
فما وقع في كلام بعض من الاستدلال به على أنّ غير الجنابة من الأغسال يجب فيه الوضوء ، ثم في بحث الأموات قال : إنّ هذا الخبر يعني خبر ابن أبي عمير معارض بعدّة أخبار دلت على عدم الوضوء فضلاً عن وجوبه. لا يخلو من تنافر.
إلاّ أنّ يقال : إنّ الاستدلال به في وجوب الوضوء نظراً إلى ظاهر اللفظ ، وفي غسل الميت خصّصته (١) الأخبار.
وفيه : أنّ تخصيصه يقتضي عدم إرادة الوجوب منه إلاّ بتكلف يستغنى عنه.
وما أجيب به عن الخبر من أنّه مرسل لا يخلو من وجه ، كما أشرنا إليه في أول الكتاب ، وقد وجدت الآن للشيخ في هذا الكتاب في آخر باب العتق ردّ حديث رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه بالإرسال (٢).
أمّا الاستدلال على عدم الوضوء في غسل الأموات بتشبيهه في بعض الأخبار بالجنابة فقد أجاب عنه العلاّمة في المختلف : بمنع المماثلة من كل وجه ، وإلاّ لزم الاتّحاد ونفي المماثلة ، وكل حكم يؤدّي ثبوته إلى نفيه يكون محالاً ، وإذا وجب حملها على البعض لا يتمّ الاستدلال ، لأنّا نمنع
__________________
(١) في « د » : خصته.
(٢) انظر الإستبصار ٤ : ٢٧.