من احتماله الاستحباب.
واعترض عليه شيخنا ١ بأنّه مناف لاستدلاله به على وجوب الوضوء في غسل الحيض ونحوه (١).
والذي ذكره المحقق في توجيه الاستدلال بهذا الخبر في الوضوء مع غسل الحيض ونحوه هو : أنّه لا يلزم من كون الوضوء في الغسل أن يكون واجباً ، بل من الجائز أنّ يكون غسل الجنابة لا يجوز فعل الوضوء فيه ، وغيره يجوز ، ولا يلزم من الجواز الوجوب (٢). وقد تبعه على هذا جدّي ١ في شرح الإرشاد (٣).
وفي نظري القاصر أنّ هذا مستغرب من المحقّق ؛ لأنّ احتمال الجواز في مثل هذا لو أثّر انتفى الاستدلال بكثير من الأخبار ، كما قدّمناه ؛ وكون الجواز أعم من الوجوب مسلّم على تقدير وقوع الجواز في الخبر لاحتماله ؛ وغير بعيد أنّ يكون غرض المحقق بذكر الجواز الإشارة إلى أنّ غسل الجنابة لمّا لم يجز معه الوضوء علم أنّ المراد بالوضوء في غيره الجواز ، فكأنّه ٧ قال : كل غسل فيه الوضوء جائز إلاّ (٤) غسل الجنابة فلا يجوز.
ولا يخفى عليك أنّ لقائلٍ أنّ يقول : إنّ ما دل على الوضوء مع غسل الجنابة يمكن حمله على الاستحباب كما ذهب إليه الشيخ (٥) فلا يتم مطلوب المحقق ؛ إلاّ أن يقال : إنّ ما دل على الوضوء محمول على التقية بل هو صريح فيها ، ولا عبرة بقول الشيخ. وفيه : أنّ مقام الاستدلال غير هذا ،
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٨٣.
(٢) المعتبر ١ : ٢٦٧.
(٣) روض الجنان : ١٠١.
(٤) في « فض » زيادة : في.
(٥) التهذيب ١ : ١٤٠.