مع حصول الضرورة فبُعده ظاهر ، وقوله : إذا لم يتمكن ، يقتضي بإطلاقه وجوب التيمم مع عدم التمكّن ، وعدم التمكّن من أفراده حصول الضرورة ، وغاية التوجيه في هذا أن يكون مراده بالغسل على كل حال جميع الحالات حتى حالة الضرورة القليلة ، ويراد بقوله : فإن لم يتمكن الخوف على النفس ، وما استدل به من الأخبار ستسمع القول فيه.
والعلاّمة في المختلف قال : متعمّد الجنابة إذا خشي على نفسه التلف باستعماله الماء تيمم وصلّى ، قال الشيخ : ويعيد الصلاة إذا وجد الماء (١). وظاهر هذا الكلام أنّه فهم من مراد الشيخ خوف التلف ، وحينئذ يتم التوجيه.
وحكى العلاّمة عن الشيخ أنّه احتجّ على قوله برواية جعفر بن بشير عن ابن سنان أو غيره ، وذكر الرواية المبحوث عنها ، وكأنّ الاحتجاج في غير هذا الكتاب ، أمّا الذي فيه فما تراه ، وقد أجاب عنه العلاّمة بأنه مجهول الراوي فلا يكون حجة (٢).
وأنت خبير بأنّ الحديث تضمن أصابه الجنابة وهي أعم من التعمد والاحتلام ونحوه.
ثم إنّ خوف التلف من كلام الراوي فلا يقيد به الجواب كما نبّهنا عليه فيما تقدم ، والحمل على الاستحباب ممكن ، أمّا ما نقل عن الشيخ من الاستدلال بأنّه مفرط بتعمّد الجنابة فوجب عليه إعادة الصلاة (٣) فجوابه ظاهر بعد تأمّل أخبار التيمم.
__________________
(١) المختلف ١ : ٢٧٧ ، بتفاوت يسير.
(٢) المختلف ١ : ٢٧٩.
(٣) المختلف ١ : ٢٧٩.