فأمّا ما يدّعي من كتب الرسول عليهالسلام ، إلى البلدان ، فجميع ذلك أخبار آحاد ، لا توجب علما ولا عملا ، وما عمل بالكتاب ، بل بالتواتر ، بما في الكتاب دونه ، إن كان عمل بشيء من ذلك ، على ما بيّناه.
وروى هارون بن حمزة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت رجلان من أهل الكتاب نصرانيان ، أو يهوديان ، كان بينهما خصومة ، فقضى بينهما حاكم من حكامهما بجوز ، فأبى الذي قضى عليه أن يقبل ، وسأل أن يرد إلى حكم المسلمين ، قال : يرد إلى حكم المسلمين (١).
قال محمّد بن إدريس : إن كان قد قضى عليه بما هو صحيح في مذهبهم ، فقد أمرنا أن نقرهم على أحكامهم ، فلا يجوز لنا أن نفسخ حكمهم عليهم ، ولا نردّه عليهم ، ولا نجيبه إلى دفعه عن نفسه ، وإن كان قد قضى عليه بجوز على مذهبهم ، فنردّه ، ويسلّم ظاهر الحديث ، لأنّا ما أمرنا أن نقرهم ، إلا على أحكامهم ، وما يجوز عندهم ، دون ما لا يجوز ، ويعضد ما قلناه ، قوله في الحديث : قضى بينهما حاكم من حكامهما بجور ، وما يكون حقا عندهم ، ما يكون جورا على المحكوم عليه ، بل هو عنده حقّ وصواب.
وروى حريز ( بالحاء غير المعجمة ، وآخر الاسم زاي ) عن محمد بن مسلم ، وزرارة ، عنهما جميعا قال : لا يحلف أحد عند قبر النبيّ عليهالسلام على أقل ممّا يجب فيه القطع (٢).
قال محمّد بن إدريس : هذا على جهة التغليظ ، فانّ الحاكم ، لا يلزمه أن يحلف هناك ، إلا إذا كانت الدعوى مقدار ربع دينار ، فإن كان أقل من ذلك ، فلا يلزمه أن يحلف هناك.
وروى عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام ،
__________________
(١) الوسائل : الباب ٢٧ من أبواب كيفية الحكم ، ح ٢ ثمّ ان جواب الإمام لم يذكر في نسخة الأصل.
(٢) الوسائل : الباب ٢٩ من أبواب كيفية الحكم ، ح ١.