ليلا ، بطل صومه ، ولزمه استئناف الكفارتين ، فإن كان وطؤه ناسيا ، مضى في صومه ، ولم يلزمه شيء ، ثمّ استدلّ فقال : دليلنا إجماع الفرقة ، وطريقة الاحتياط ، وأيضا فإنّ الله تعالى قال ( فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا ) (١) وهذا قد وطأ قبل الشهرين ، فيلزمه كفارتان على ما مضى القول فيه (٢) هذا آخر استدلاله رحمهالله.
قال محمّد بن إدريس : أمّا وجوب الكفارة الأخرى فصحيح ، وأمّا استئناف الكفارة المأخوذ فيها بالصوم إذا وطأ ليلا فبعيد لا وجه له ، ولا دليل على استئناف الصيام ، لأنّ الاستئناف ما جاءنا إلا في المواضع المعروفة المجمع عليها ، وهي إن وطأ بالنهار عامدا من غير عذر المرض ، قبل أن يصوم من الشهر الثاني شيئا ، فيجب عليه الاستئناف للكفارة التي موجبها الظهار ، وكفارة أخرى للوطء ، عقوبة على ما قدّمناه ، فأمّا إذا وطأ ليلا فعليه كفارة الوطء ، ولا يجب عليه استئناف ما أخذ فيه ، لأنّه لا دليل عليه من كتاب ، ولا سنّة ، ولا إجماع ، والأصل براءة الذمة ، فأمّا إذا وطأ بالنهار عامدا بعد أن صام من الشهر الثاني شيئا ، فعليه كفارة الوطء فحسب ، ويبني على ما صام ، ولا يجب عليه الاستئناف ، فليلحظ ذلك ، فهذا الذي يقتضيه أصول مذهبنا.
وقال شيخنا في مسائل خلافه : مسألة ، إذا وجبت عليه الكفارة بعتق رقبة في كفارة ظهار ، أو قتل ، أو جماع ، أو يمين ، أو يكون قد نذر عتق رقبة ، فإنّه يجزي في جميع ذلك أن لا تكون مؤمنة إلا في القتل خاصّة (٣).
قال محمّد بن إدريس : اختلف أصحابنا في ذلك ، والأظهر الذي يقتضيه أصول المذهب ، أنّ جميع الرقاب في الكفارات وغيرها لا تجزي إلا المؤمنة ، أو بحكم المؤمنة ، ولا تجزي الكافرة ، لأنّ الله تعالى قال : ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ
__________________
(١) المجادلة :
(٢) الخلاف : كتاب الظهار ، المسألة ٢٤.
(٣) الخلاف : كتاب الظهار ، المسألة ٢٧.