تُنْفِقُونَ ) (١) والكافر خبيث بغير خلاف ، والنهي يدلّ على فساد المنهي عنه ، والإعتاق يسمّى إنفاقا.
وأيضا طريقة الاحتياط تقتضيه ، لأنّ الذمة مشغولة بالكفارة بغير خلاف ، ولا تبرأ بيقين إلا إذا كفر بالمؤمنة ، لأنّ غيرها فيه خلاف.
وهذا اختيار السيد المرتضى وغيره من المشيخة ، والأول اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسي.
إلا أنّه رجع عنه في التبيان ، فقال في تفسير قوله تعالى ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (٢) : وفي الفقهاء من استدلّ بهذه الآية على أنّ الرقبة الكافرة لا تجزي في الكفارة ، وضعّفه قوم ، وقالوا : العتق ليس بإنفاق ، والأولى أن يكون ذلك صحيحا ، لأنّ الإنفاق يقع على كلّ ما يخرج لوجه الله تعالى ، عتقا كان أو غيره (٣) هذا آخر كلامه رحمهالله في كتاب التبيان لتفسير القرآن.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه : مسألة ، عتق المكاتب لا يجزي في الكفارة ، سواء أدّى من مكاتبته شيئا أو لم يؤدّ (٤).
قال محمّد بن إدريس رحمهالله : الصحيح أنّه إذا لم يؤدّ شيئا من مكاتبته ، يجوز عتقه ، ويجزي في الكفارة ، لأنّه بعد عبد لم يتحرر منه شيء بغير خلاف ، وبهذا قال في نهايته (٥).
هذا إذا كانت المكاتبة مطلقة ، فأمّا إن كانت مشروطة ، فإنّه يجوز إعتاقه ، سواء ، أدّى من مال كتابته (٦) شيئا أو لم يؤد ، لأنّه عندنا رق ، وأحكامه أحكام الرق في جميع الأشياء ، إلا ما خرج بالدليل.
__________________
(١) و (٢) البقرة : ٢٦٧.
(٣) التبيان : ج ٢ ، ص ٣٤٤.
(٤) الخلاف : كتاب الظهار ، المسألة ٢٩.
(٥) النهاية : باب الكفارات ، والعبارة هكذا : ولا ان يعتق مكاتبا له وقد أدّى من مكاتبته شيئا.
(٦) ل : أدى مكاتبه.