وعتق أمّ الولد عندنا جائز في الكفارات ، وكذلك عتق المدبر الذي يبتدأ بتدبيره ، لا عن نذر قد حصل شرطه ، لأنّه إذا حصل شرطه ، فقد انعتق.
وقال رحمهالله في مسائل خلافه : مسألة ، إذا أعتق عبدا مرهونا ، وكان موسرا أجزأه ، وإن كان معسرا لا يجزيه (١).
قال محمّد بن إدريس : لا يجزي عتق العبد المرهون قبل فكّه من الرهن ، سواء كان الراهن موسرا أو معسرا ، لأنّ العتق تصرّف بغير خلاف ، وإجماع أصحابنا على أن تصرّف الراهن في الرهن غير صحيح ولا ماض ، وأنّه لا يجوز له التصرف فيه بغير خلاف بينهم ، وأنّه منهي عن التصرف فيه ، وكلّ تصرف يتصرّف فيه فإنّه باطل ، والنهي يدلّ على فساد المنهي عنه.
ثمّ ما قال بهذا أحد من أصحابنا ، ولا وجدته مسطورا في تصنيف أحد منهم. وشيخنا إن كان قال هذا عن أثر ورواية متلقّى بالقبول ، أو أخبار متواترة ، جاز العمل به إذا لم يمكن تأويله ، وإن كان قاله من تلقاء نفسه على سبيل الاستدلال والاستحسان ، فلا معول على ذلك ، فكيف ولم يرد به رواية ، لا من طريق الآحاد ، ولا من طريق التواتر.
ثمّ استدلّ رحمهالله على ما ذهب إليه في صدر المسألة ، فقال : دليلنا على أنّ عتق الموسر جائز ، قوله تعالى ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) ، ولم يفصّل ، وعلى أنّ عتق المعسر لا يجزي ، أنّ ذلك يؤدّي إلى إبطال حقّ الغير ، فلا يجوز ذلك ، وعليه إجماع الفرقة ، لأنّهم أجمعوا على أنّه لا يجوز من الراهن التصرف في الرهن ، وذلك عام في جميع ذلك (٢). هذا آخر استدلاله.
وهذا الاستدلال قاض عليه ، وحاكم على فساد ما ذهب إليه ، لأنّ جميع ما استدلّ به على أنّ عتق المعسر لا يجزي ، لازم له في عتق الموسر ، حذو النعل
__________________
(١) و (٢) الخلاف : كتاب الظهار ، المسألة ٣٢.