نفي ما قضيّته عقلا (١) من دون دلالة عليه (٢) لفظا ، ضرورة (٣) أن نفس
______________________________________________________
العلم ، وشيء منهما لا نظر له لفظا إلى مؤدى الأصل.
نعم تشريع الحرمة مثلا التي هي مؤدى الأمارة مناف عقلا لتشريع الحلية في مورد الأصل. وكذا العكس ، فان حكم الأصل كحلية شرب التتن مثلا ينافي أيضا عقلا مؤدى الأمارة وهي حرمته.
وبالجملة : فليس المراد بالحجية نفي احتمال الخلاف وتتميم الكشف حتى يكون ناظرا إلى موضوع الأصل ، بل المراد بها لزوم العمل على طبق مؤدى الأمارة كما هو أحد المباني في حجية خبر الواحد.
(١) قيد لـ «نفى» والمراد بالموصول الحكم ، وضمير «قضيته» راجع إلى الحكم ، يعني : بل ليس مقتضى حجية الأمارة إلّا نفي الحكم الّذي يقتضيه الأصل ، وهذا النفي عقلي لا لفظي ، وعقليته إنما هي لتنافي مدلولي الأمارة والأصل كالحرمة والحلية.
(٢) أي : من دون دلالة على ما يقتضيه الأصل كالحلية لفظا ، بل الدلالة عقلية كما مرّ آنفا.
(٣) تعليل لنفي الدلالة اللفظية ، يعني : أن هذه الدلالة لا بد أن يكون الدال عليها نفس الأمارة أو دليل اعتبارها ، وشيء منهما لا يدل عليها ، إذ الأمارة لا تدل إلّا على الحكم الواقعي كحرمة شرب التتن ، ودليل اعتبارها ـ المشار إليه بقوله : «وقضية حجيتها ليست ... إلخ» ـ لا يدل إلّا على جعل الحكم الظاهري المماثل لمؤدى الأمارة ، وهذا مراده بـ «لزوم العمل على وفقها شرعا» وعليه فلا يدل شيء من الأمارة ودليل حجيتها لفظا على نفي ما يقتضيه الأصل ، ونتيجة ذلك عدم حكومة الأمارة على الأصل.
__________________
الّذي أشار إليه بقوله : «وإلّا كانت أدلتها أيضا ... إلخ».
وثانيهما : حلِّي ، وهو ما أشار إليه بقوله : «بل ليس مقتضى حجيتها ... إلخ» وهذا الجواب مبني على كون الحجية بمعنى جعل الأحكام على طبق مؤديات الأمارات ، فحرمة شرب التتن مثلا المدلول عليها بخبر الثقة وكذا لزوم العمل بها لا نظر لهما لفظا إلى الحلّ الّذي هو مقتضى أصالة الحل. نعم لا تجتمع الحرمة والحلية في موضوع واحد من باب استحالة اجتماع الضدين عقلا ، وهذا أجنبي عن النّظر أي الدلالة اللفظيّة المعتبرة في الدليل الحاكم كما مرت الإشارة إليه غير مرة.